الإباحة حكم شرعي
صاحب المتن: وأن الإباحة حكم شرعي، وأن الوجوب إذا نسخ بقي الجواز
الشارح: «و» الأصح «أن الإباحة حكم شرعي»، إذ هى التخيير بين الفعل والترك، المتوقف وجوده، كغيره من الحكم على الشرع، كما تقدم.
وقال بعض المعتزلة: لا، إذ هى انتفاء الحرج عن الفعل والترك، وهو ثابت قبل ورود الشرع، مستمر بعده.
«و» الأصح «أن الوجوب» لشيء «إذا نسخ»، كأن قال الشارع: نسخت وجوبه.
«بقي الجواز» له الذي كان في ضمن وجوبه ....
المحشي: قوله: «إذ هي التخيير بين الفعل والترك» مع تعليل مقابل الأصح بقوله: «إذ هي انتفاء الحرج عن الفعل والترك» يقتضي أن القولين لم يتواردا على محل واحد، فالخلف لفظي أيضا، فلو أخر المصنف قوله: «والخلف لفظي» إلى هنا، ليعود إلى المسائل الثلاث كان أولى، كما نبه عليه الزركشي وغيره.
قوله: «المتوقف وجوده» صفة «للتخيير». قوله: «كغيره من الحكم» أي من بقية الأحكام.
صاحب المتن: أي عدم الحرج، وقيل: الإباحة، ...
الشارح: من الإذن في الفعل بما يقومه، من الإذن في الترك، الذي خلف المنع منه، إذ لا قوام للجنس بدون فصل، ولارادة ذلك قال: «أي عدم الحرج» يعني في الفعل والترك، من الإباحة أو الندب أو الكراهة، بالمعنى الشامل لخلاف الأولى، إذ لا دليل على تعيين أحدهما «وقيل»: الجواز الباقي بمقومه «الإباحة»، إذ بارتفاع الوجوب ينتفي الطلب فيثبت التخيير ...
المحشي: قوله: «كما تقدم» أي في الكلام على تعريفه الحكم، وفي قوله: «ولا حكم قبل الشرع». قوله: «والأصح أن الوجوب إذا نسخ بقي الجواز» سكتوا عن بقية الأحكام، والقياس أنه يأتي فيما يمكن فيه منها ذلك، كأن يقال: والأصح أن الندب أو التحريم إذا نسخ بقي الجواز قوله: «كأن قال الشارع نسخت وجوبه» أي ولم يبين حكم الناسخ، فإن بينه كأن قال: نسخت الوجوب بالتحريم، اقتصر عليه جزما.
قوله : «من الإذن في الفعل» إلى آخره بيان «للجواز». باء «بما يقومه» بمعنى «مع»، وأشار بذلك إلى أن الجواز المختلف فيه.
المحشي: وليس هو الذي في ضمن الوجوب فقط، كما زعمه بعضهم، بل هو مع ما يقومه، وسيأتي إيضاح ذلك. قوله: «من الإذن في الترك» بيان ل «ما يقومه».
قوله: «إذ لا قوام» أي لا وجود، ولا مقوم للجنس بدون فصل، لاستحالة وجوده مجردا عن المفصول، بناء على أنها علل له، على ما ذهب إليه ابن سينا.
والجنس هنا: هو الإذن في الفعل، فإنه قدر مشترك بين الإيجاب، والندب، والإباحة، والكراهة، وكل منها إنما يوجد بفصله، وفصل الإيجاب المنع الجازم من الترك، فإذا ارتفع خلفه فصل يقوم به الجنس، وإلا لارتفع الجنس أيضا، والفرض خلافه.
صاحب المتن: وقيل الاستحباب.
الشارح: «وقيل» هو «الاستحباب» إذ المتحقق بارتفاع الوجوب، انتفاء الطلب الجازم، فيثبت الطلب غير الجازم، وقال الغزالي: لا يبقى الجواز، لأن نسخ الوجوب يجعله كأن لم يكن، ويرجع الأمر إلى ما كان قبله، من تحريم أو إباحة، أي لكون الفعل مضرة أو منفعة، كما سيأتي في الكتاب الخامس.
المحشي: الإذن في الترك ضده المنع منه، ولا ضد له غيره، فإذا ارتفع خلفه.
صفحة ٥٠