هل المندوب مامور به؟
صاحب المتن: وفي كون المندوب مامورا به خلاف.
الشارح: «وفي كون المندوب مأمورا به» -أي مسمى بذلك حقيقة- «خلاف»، مبني على أن «أ. م. ر» حقيقة في الإيجاب، كصيغة افعل فلا يسمى، ورجحه الإمام الرازي، أو في القدر المشترك بين الإيجاب والندب، أي طلب الفعل فيسمى، ورجحه الآمدى.
المحشي: قوله: «حقيقة» نبه به على أن الخلاف في كونه مأمورا به حقيقة أو مجازا، لا في كونه مأمورا به أو لا. قوله: «خلاف مبني» إلى آخره قضية كلامه كالمصنف في مبحث الأمر، من جزمهما بالقول الثاني في المبنى عليه ترجيح الثاني في المبنى، وهو ما رجحه الآمدي كما قال الشارح، جزم به جماعات.
الشارح: أما كونه مأمورا به بمعنى أنه متعلق الأمر -أي صيغة افعل- فلا نزاع فيه، سواء قلنا: إنها مجاز في الندب، أم حقيقة فيه كالإيجاب، خلاف يأتي.
المحشي: قال الزركشي: «وهو الصحيح، فقد نقله القاضي أبو الطيب عن نص الشافعي»، ويؤيده تقسيمهم الأمر إلى واجب ومندوب، ومورد القسمة مشترك.
قوله: «خلاف يأتي» خبر مبتدأ محذوف أي هو خلاف يأتي.
الأصح أن المندوب ليس مكلفا به وكذا المباح،
وبيان معنى التكليف
صاحب المتن: والأصح ليس مكلفا به، وكذا المباح، ومن ثم كان التكليف إلزام ما فيه كلفة لا طلبه، خلافا للقاضي.
الشارح: «والأصح ليس» المندوب «مكلفا به، وكذا المباح»: أي الأصح ليس مكلفا به، «ومن ثم» أي من هنا، وهو أن المندوب ليس مكلفا به، أي من أجل ذلك «كان التكليف إلزام ما فيه كلفة»، من فعل أو ترك، «لا طلبه» أي طلب ما فيه كلفة على وجه الإلزام أولا «خلافا للقاضي» أبي بكر الباقلاني في قوله بالثاني، فعنده المندوب ...
المحشي: قوله: «وكذا المباح أي الأصح ليس مكلفا به» قضيته أو صريحه أن في المباح قولا بأنه مكلف به، كما في المندوب، ولا وجه له، إذ لا إلزام فيه ولا طلب، إلا ما نقله عن الأستاذ بعد، وذاك لا يفيد الغرض.
الشارح: والمكروه -بالمعنى الشامل لخلاف الأولى- مكلف بهما كالواجب والحرام، وزاد الأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني على ذلك المباح، فقال: إنه مكلف به من حيث وجوب اعتقاد إباحته، تتميما للأقسام، وإلا فغيره مثله في وجوب الاعتقاد.
المحشي: فلو أبدل المباح بالمكروه لكان حسنا، ولما احتاج الشارح إلى الاقتصار على المندوب، في قوله بعد «وهو أن المندوب ليس مكلفا به»، ولعله إنما اقتصر عليه، لأنه يرى أن ذلك القول لا يأتي في المباح، وإنما فسره أولا بما يقتضيه، لبيان مراد المصنف، لا لموافقته له.
قوله: «ومن ثم» إلى آخره قضيته بناء ما بعد «ثم» على ما قبلها، وصرح به الشارح وهو صحيح بالنظر إلى أنه يعلم منه، وإن كان الأحسن العكس، كما جرى عليه المصنف في شرح المختصر - تبعا لغيره-، بمعنى أن من فسر التكليف بإلزام ما فيه كلفة، قال: المندوب ليس مكلفا به، ومن فسره بطلب ما فيه كلفة، قال: إنه مكلف به.
فلو قال بدل ذلك بناء على أن التكليف إلزام ما فيه كلفة، لوافق ذلك. والخطب في ذلك سهل.
صاحب المتن: والأصح أن المباح ليس بجنس للواجب.
هل المباح مامور به؟
صاحب المتن: وأنه غير مامور به، من حيث هو.
صفحة ٤٨