والجواب عنه إنهم اختلفوا في قبول المرسل من الأخبار وعدم قبوله ، فذهب
مالك، وأحمد، وأبو حنيفة وأصحابه، وغيرهم إلى قبوله(1).
وذهب طائفة من أهل الحديث إلى أن المرسل في حكم الحديث الضعيف، فلا يقبل إلا إذا أسند من وجه آخر، لو أرسله من أخذ عن غير رجال المرسل الأول.
وهو مذهب الشافعي وأصحابه.
واستدلوا على ذلك:
بأن من شرط الحديث الصحيح ثقة رجاله.
والمرسل سقط منه رجل لا يعلم حاله، وإن اتفق أن الذي أرسله كان لا يروي إلا عن ثقة، فالتوثيق في المبهم غير كاف.
وأجاب عنه أصحابنا:
بأن الكلام إنما هو في إرسال الثقة، فهو لا يرسل الخبر إلا بعد توثيق من أخذ عنه فلا اشتباه في المرسل، بل المرسل فوق المسند؛ فإن الراوي الثقة إذا اعتمد على وثوق شيخه، ولم يبق له اشتباه فيه أرسله، وزيادة تفصيل هذه الأصول مبسوطة في علم الأصول(2).
إذا عرفت هذا فنقول: لو سلمنا أن الرواية المذكورة من مرسلات أبي العالية، فالمرسل مقبول عندنا، وكذا عندكم أيها المالكية والحنابلة فلم لا تعملون به!
قال العيني في ((البناية)): العجب من أحمد أن مذهبه تقديم الحديث الضعيف على القياس ، هكذا حكاه عنه ابن الجوزي في ((التحقيق))، وقد أخذ بالقياس هاهنا، وترك أحد عشر حديثا، والمرسل حجة عند مالك أيضا. انتهى(3).
صفحة ٢٨