61
والموضوع الأساسي للتأويل الفلسفي عند جادامر هو الدور الرئيسي الذي تقوم به الأخطاء والأحكام المسبقة في الفهم: «إن التحيزات
غير العادلة ليست بالضرورة خاطئة وغير مبررة، بحيث تشوه الحقيقة بشكل لا يمكن تجنبه. فالواقع أن تاريخية وجودنا تستلزم أن يشكل التحيز، بالمعنى الحرفي للكلمة (أي الأحكام المسبقة) التوجه الأصلي لقدرتنا الكلية على التجربة. التحيز إذا هو أساس انفتاحنا على العالم.»
62
وهو أيضا أساس فهمنا له، فالفهم «ليس أسلوبا ذاتيا على الإطلاق تجاه الأشياء المعطاة، وإنما يختص بالتاريخ المؤثر لما يفهم، أي أنه بمعنى آخر فهم متعلق بوجود ذلك الذي يفهم.»
63
وهكذا يكون الفهم عند جادامر أسلوبا في الوجود التاريخي.
ويؤكد جادامر، مصداقا لهيدجر أو استمرارا له، أنه لا يمكن الوصول إلى حقيقة موضوعية في التاريخ؛ لأنها - أي الحقيقة - أسلوب في الوجود التاريخي قبل أن تكون معرفة يمكن أن تصبح موضوعية. ويمكن أن ننظر إلى «الدلالة الأنطولوجية للهرمنيوطيقا من خلال التحدي الذي تقدمه للمنظور الفلسفي الذي يفرض الانقسام الواضح بين الذات والموضوع.»
64
ويؤكد جادامر الطابع الأنطولوجي لوجودنا ولأسلوب فهمنا للعالم في واحد من أهم إنجازاته وهو كتابه «الحقيقة والمنهج» محاولا إثبات أن الهرمنيوطيقا - التي هي فن الفهم - لها «دلالة وجودية عامة، فلم تعد تشير ببساطة إلى آلية تفسيرية تستخدم داخل أنظمة خاصة مثل اللاهوت والتشريع، وإنما المسألة الأساسية هي كيف يكون الفهم بصفة عامة ممكنا.»
صفحة غير معروفة