حقيقة التأويل - ضمن «آثار المعلمي»
محقق
عدنان بن صفا خان البخاري
الناشر
دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٤ هـ
تصانيف
المتبادر: أنَّ كلَّ آيةٍ منها تشبه الأخرى، وهذا عامٌّ في آيات القرآن كُلِّها، كما قال تعالى: ﴿كِتَابًا مُتَشَابِهًا﴾.
فإنْ قيل: إنَّ هناك وجهًا تتشابه فيه الآيات التي يكون فيها ما يُتَوَهَّم خَلَلًا
مختصَّة به، وهو تَوَهُّم الخَلَل في كُلِّ آيةٍ منها.
قلتُ: ولكنَّ هذا لا يكفي لتخصيصها بلفظ: ﴿مُتَشَابِهَاتٌ﴾؛ فإنَّ المحكمات أيضًا فيها وجهٌ تتشابه فيه، وهو خاصٌّ بها، وهو أنَّه ليس في كُلٍّ منها خَلَلٌ، ولا ما يُتَوَهَّم خَلَلًا.
ويمكن أنْ يُقَال: كلُّ آيةٍ من المتشابهات متشابهةٌ في نفسها، على أن يكون المعنى: متشابهات معانيها، أي: يتشابه فيها معنيان، أو معاني، كما يُقَال: اشتبه عليَّ الأمر، أي: اشتبه صوابُه بخطائه، ويُقَال: اشتبه عليَّ الأمران، أي: لم تُميِّز بينهما.
فإنْ قلتَ: ولكنَّه لا يُقَال: تشابه عليَّ الأمر!
قلتُ: لا أستحضر شاهدًا لذلك، ولكن "اشتبه" و"تشابه" بمعنًى، قال تعالى: ﴿مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ﴾ [الأنعام: ٩٩].
وقد قال المولَّد (^١):
رَقَّ الزُّجَاجُ ورَاقَت الخَمْرُ ... فَتَشَابَهَا وتَشَاكَلَ الأَمْرُ (^٢)
الشاهد في قوله: "وتشاكل الأمر".
فلنترك هذا ههنا، ولننظر في بقية الآية، لعلَّنا نجد فيها ما يبيِّن المقصود،
_________
(^١) هو الصاحب بن عبَّاد، في "ديوانه" (ص ١٧٦).
(^٢) كذا في الأصل، وفي "الديوان": "وتشابها فتشاكل".
6 / 51