حقيقة التأويل - ضمن «آثار المعلمي»
محقق
عدنان بن صفا خان البخاري
الناشر
دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٤ هـ
تصانيف
فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ﴾ [الزمر: ٤١].
فإذا أحَطْتَ بهذا فكلُّ نصٍّ في كتاب الله ﷿ أو في السُنّة المقطوع بها يخبر بصفة من صفات الله ﷿، وله معنى ظاهر يُعْلَم أنَّ العرب الذين دعاهم النبي ﵌ لا يفهمون غيره، فلا مفرَّ للمسلم من الإيمان به.
ثم اعْلم أنَّ من الصِّفات ما لا شُبْهَة لِمَن أنكره أصلًا، كما قدّمنا في الحياة واليد مفصَّلًا.
ومنها ما لم تكن فيه شُبْهة، ولكن نشأت الشُبْهة فيه لمن اطَّلع على كلام الفلاسفة، وهذا لا بدَّ للمسلم من الإيمان به وتكذيب الفلاسفة.
علمًا بأنَّ العقل الإنساني قاصرٌ، وأنَّ إدراكه يتفاوت، وأنَّه كثيرًا ما يتوهَّم أنّه قد أدرك إدراكًا قطعيًّا وهو مخطئ.
ومن تأمّل اختلاف الفلاسفة والمتكلِّمين من كُل أُمَّةٍ، وتخطئة آخرهم لأولهم، مع زعم كلٍّ منهم أنّ عقله أدرك ما قاله إدراكًا قاطعًا= تبيَّن له هذا، ولو اطَّلعت على آراء فلاسفة العصر لرأيت من ذلك كثيرًا جدًّا.
ومنها ما تعرض الشُبهة فيه لكلِّ أحدٍ، وهذا لا بدَّ للمسلم من الإيمان به، وصَرْفِ نفسه عن استرسالها في الفِكْر.
ففي "الصَّحيحين" (^١) من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله ﵌: "يأتي الشيطان أحدَكم، فيقول: مَن خلق كذا؟ مَن خلق كذا؟ حتى يقول: مَنْ خَلَق ربك؟ فإذا بلغه فليستعذ بالله وَلْيَنْتَهِ".
_________
(^١) البخاري (٣٢٧٦) ومسلم (١٣٤)، وهذا لفظ البخاري.
6 / 48