حقيقة التأويل - ضمن «آثار المعلمي»
محقق
عدنان بن صفا خان البخاري
الناشر
دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٤ هـ
تصانيف
ورأى غير هؤلاء أنَّ ما تواتر عن الأنبياء ممَّا يُبَرْهِن على ملازمتهم للصِّدق والعبادة وشِدَّة الخوف من الله ﷿، وتقديم طاعته على كل ما عداه، مع ما جاؤوا به من الحكمة التي تبهر العقول= تحيِّر، فقال قائلهم:
نِهايةُ إقدامُ العُقُول عِقَالُ ... [وأكثرُ سَعي العَالَمين ضَلالُ
وأرواحُنا في وَحْشةٍ من جُسُومِنا ... وحَاصِلُ دُنْيَانا أذًى ووَبَالُ
ولم نَسْتَفِد مِن بَحْثِنا طُولَ عُمْرِنا ... سوى أن جَمعنا فيه قِيلَ وقالوا
وكم قد رأينا مِن رجالٍ ودولةٍ ... فبَادُوا جميعًا مُسْرِعين وزالوا
وكم من جِبالٍ قد عَلَت شُرُفاتها ... رِجالٌ فَزَالُوا والجِبالُ جِبالُ] (^١)
ومنهم من تداركته رحمة الله ﵎، فرضي من الغنيمة بالإياب، على أنّه لم يرجع سالمًا مِن كلِّ عاب، وإلى الله المآب، وعليه الحساب.
وأمَّا مَن قال: حياةٌ تليق به، ويدٌ تليق به تعالى، ونحو ذلك، ولا تُؤولُ، فهم فِرَقٌ:
الفرقة الأولى: من يُسلِّم أنَّ ظواهر آيات الصِّفات وأحاديثها تقتضي المُحَال، وأنَّ التَّأويل سائغٌ ولكنَّه خطرٌ. وقال قائلهم: "مذهب السَّلف أسلم ومذهب الخلف أعلم".
_________
(^١) لفخر الدين الرازي، محمد بن عمر التيمي البكري، المتوفى سنة ٦٠٦ هـ.
وقد ذكر ابنُ تيمية ﵀ في مواضع من كتبه كـ"درء التَّعارض" (١/ ١٥٩) وغيرُه أنَّ الرازي أنشد هذه الأبيات في غير كتاب من كتبه، منها كتاب "أقسام اللذَّات".
ونسبها إليه من ترجم له، ينظر: "معجم الأدباء" لياقوت (٦/ ٢٥٩٠)، و"وفيات الأعيان" لابن خلكان (٤/ ٢٥٠)، و"الوافي بالوفيات" للصفدي (٤/ ١٨١).
وقد كتب المؤلف صدر البيت الأول، وبيَّض للبقية، فأتممتها.
6 / 37