أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا...
إلى قوله تعالى: والذين جاءوا من بعدهم يقولون...)، وهؤلاء لا شك داخلون في مستحقي الفئ كالأولين، والواو ههنا للجمع، ثم قال سبحانه، يقولون (ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالايمان...)، ومعناه: قائلين: ربنا اغفر لنا ولإخواننا، فكذلك قوله سبحانه: (والراسخون في العلم يقولون آمنا به) يكون معناه: والراسخون في العلم يعلمون تأويل ما نصبت لهم عليه الدلائل، ونحيت لهم إليه المذاهب من المتشابه قائلين آمنا به، ومن الشاهد على ذلك قول يزيد بن مفرغ الحميري - لما سامه عباد بن زياد أن يبيع عبده بردا في دين لزمه، وحديثه في هذه القصة طويل (1) وهو بعد مستفيض -:
وشريت بردا، ليتني * من بعد برد كنت هامه (2) فالريح تبكي شجوها (3) * والبرق يلمع في الغمامة قوله: (وشريت) يريد: وبعت، وهو من الأضداد.
وقوله: (والبرق يلمع...) يريد: والبرق أيضا يبكي شجوه لامعا في الغمامة، أي: في حال لمعانه، ولولا أن المراد هذا لما كان لقوله:
(والبرق يلمع في الغمامة) اتصال بقوله: (فالريح تبكي شجوها)، بل كان
صفحة ١٢