ودليل آخر: أن البسرة لما رأيناها خضراء، ثم رأيناها حمراء، ثم رأيناها صفراء، وعينها قائمة، فلو كان اللون يعلم ولا يرى لما فرق من ينظر البسرة بين الخضرة والحمرة والصفرة، إذ البسرة قائمة العين، والألوان يحدث بعضها ويبطل بعضها، فلو فرق بين الخضرة والحمرة والصفرة بغير النظر لصح ما قالوا. ولما صح أنه لا يفرق بين هذه الألوان إلا بالنظر صح أنها مرئية.
فإن قالوا: أوجدونا شيئين -في مكان واحد- جسما ولونا، فلا يشاهد غير الجسم الملون.
قلنا: أما قولكم أوجدونا شيئين في مكان واحد، فإن كنتم أردتم أن نثبت لكم شيئين: جسما وعرضا، فقد بينا ثبوت العرض، واحتججنا عليه بما فيه كفاية، وإن كنتم أردتم أن نوجدكم شيئين قائمين بنفوسهما شاغلين للمكان، فإن العرض لا يكون قائما بنفسه شاغلا للمكان، وإنما هو قائم في الجسم، صفة للجسم، ولا يقوم بنفسه فيكون شيئا شاغلا للمكان، فلا حجة لهم بهذا السؤال.
صفحة ١٢١