ودليل آخر: أن كل واحد من هذه الطبائع لا يخرج مما ركب عليه من الحرارة والبرودة، والرطوبة واليبوسة، وإذا كانت لا تخرج مما ركبت عليه صح أنها لا تملك أنفسها فكيف تدبر غيرها؟! وأيضا فلها حد لا تتجاوزه، ولا تنقص منه، ولا تزيد عليه، وبعضها ضد لبعض ومعدل لبعض؛ فصح أنها لا تصنع شيئا، وأن المضاد بينها والمعدل لبعضها ببعض غيرها، فثبت أنها مقدرة مدبرة، فبطل ما قالوا.
ونظرنا إلى ما أعد في الأرض من النبات والماء، والمعادن والآلات، وما خول سكانها من المنافع والأقوات، فإذا هي قد أتقن خلقها، وأحسن رتقها وفتقها.
صفحة ٨٥