٢٠٤ - وحكى أبو سعد بن سعدان العطار قال: حدثني أبو القاسم أبي قال: اجتاز بي يوما أبو الحسن سعيد بن نصر، وكان دواتي الصاحب أبي محمد بن مكرم، فسلم علي وسلمت عليه، وسألني بعض الحاضرين عنه فقلت: أذكر هذا وقد أنكر عليه ابن مكرم فعلا فعله، فتقدم بصفعه على باب داره بالشمشكات! واتفق أن أبا الحسن لم يكن بعد عني البعد الذي لا يبلغه كلامي، فالتفت إلي وقال: يا هذا ما وجدت ما تعرفني به غير هذا الحديث! فخجلت واستحيي، ولم يكن لسان يجيبه، ولا عين تنظره، فأطرقت وأمسكت.
٢٠٥ - وحدثني قال: كان في جوارنا إنسان يعرف بابن بيهويه فأحضرنا لمشاهدة حائط في داره قد عاب، واتفق أن أمه كانت تغسل الثياب، فاخرج إلي في طست من تراب الحائط وقال لي: ما يمكن أن تدخل اليوم إلى الحائط وتشاهده، وهذا من ترابه فانظر ما تريد معرفته منه! فقال له: أنا أرجع في غد إليك، وضحك منه، وتحدث بذلك عنه.
٢٠٦ - وحدث عن ابن الزنفيلفي التاجر الكوفي قال: خرجت من مصر أطلب العراق، ومعي متاع ب؟ نحو خمسين ألف دينار للتجار ولي، واستصبحت معي جارية اشتريتها بمصر، وهويتها، ولم يمكني مفارقتها، فلما حصلنا في السماوة قالت لي الجارية: اعلم أن هذا البدوي هوذا يولع بي، وقد طالبني نفسي فامتنعت منه، فحلف ليقتلنك الليلة ويأخذني ويأخذ المال جميعه، فدبر أمرك بما تراه! قال وكان البدوي وابنا أخ له خفرائي الذين نسير معهم ونحدر بهم، فبقيت واجما، وعلمت أني مقتول وأموال الناس مأخوذة لأجل الجارية، وفكرت في أن أزوجها به، فإذا بلغنا الكوفة أخذتها منه وألزمته طلاقها، فقلت لها ذلك، وقررت رأيي معها عليه؛ فلما أدركنا المساء ونزلنا وتعشينا قلت له: يا علون، قال: لبيك، قلت: أحببت أن أزوجك بجاريتي فلانة، ألك في ذلك رأي؟ فقال: إي والله وأي رأي! فزوجته بها، وضحك واستهل، وأخذها وبعد إلى وراء رابية عنا ... فلما كان السحر جاءتني الجارية فقالت: يا مولاي جاء الرجل! فقلت: ويلك ما تقولين؟ قالت: ما قد سمعت، فقلت لها: هذا هو الهلاك بعينه، سيقول ابنا أخيه: أنت وضعت الجارية على أن أطمعته شيئا سمته به، ويجعلان ذلك طريقا إلى ما أراد هو أن يعمله بي! وقمت إليهما فقلت لهما: اسمعا ما تحكيه هذه الجارية، فقالت له: إنه لما خلا بي لم ينزل عن صدري، ولا ترك الجماع إلا بقدر الراحة ساعة بعد ساعة، ثم ثقل على صدري ثقلا عظيما، فرميت به عني، فبعد جهد ما أنزلته ودميته إلى الأرض، وتأملته فرأيته ميتا! فقالا: لا ترغ، فإنه نوى لك القبح واعتزمه فيك، وأحوجك إلى ما فعلته معه فأهلكه الله وعجل مقابلته، امض يا شيخ فلا بأس عليك! .. وقمنا إليه فواريناه وارتحنا!
٢٠٧ - وحدثني الرئيس أبو الحسين والدي قال: قبض عضد الدولة على أبي الوفاء طاهر بن محمد أحد أصحابه، واعتقله بقلعة الماهكي، فلما توفي عضد الدولة كتب أبو عبد الله بن سعدان إلى أبي الهيجاء عقبة ابن عنان الحاجب، وأضنه كان بالبند نيجين، على يد شجاع التنائي بقتله، فقتله وأنفذ إليه برأسه في مخلاة، فلما أحضره بين يديه وشاهده، تقدم بدفنه فدفن تحت مسناة داره على دجلة بالجانب الشرقي من مشرعة باب الطاق، فسمعت جماعة يذكرون أنه لما قتل أبو عبد الله بن سعدان رمي برأسه وجثته إلى دجلة، فلم يزل الماء يحدر الرأس إلى مسناة دار أبي الوفاء طاهر بن محمد، وكانت في مشرعة المخرم، فأخذه أحد الملاحين ودفنه تحت المسناة، فسبحان الله ما أطرف هذا الاتفاق!
٢٠٨ - وحدث بعض من كان في القعة بين الغساسيري وبين عسكر خراسان التي قتل فيها الغساسيري في ذي الحجة من سنة إحدى وخمسين وأربعمائة قال: أخذت مع الناس، وكان معي سبعون دينارا، فعمدت إلى ثل صغير فدفنتها في جانبه، وعفيت أثرها، وقعدت عنها بحيث أشاهدها. فاتفق أن سقط غراب على التل، ورماه أحد الأتراك بنشابة فوقعت في الدنانير ومضى التركي فانتزعها فظهرت له الدنانير، فأخذها.
1 / 54