45

حديث رزية يوم الخميس في الصحيحين

تصانيف

كعمر ﵁ قوله اشتد برسول الله ﷺ وجعه زاد في الجهاد يوم الخميس وهذا يؤيد أن ابتداء مرضه كان قبل ذلك " (١). قلت: هكذا جاء في بعض الروايات أنّ ابن عباس ﵁ كان يقول حينما يذكر هذا الحديث:"الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله ﷺ وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب".والتي راح بعض المبتدعة يتشبثون بها افتراء أنّ ابن عباس قصد بها عمر ﵁ ويجاب عليهم: أنّ النص واضح كون ابن عباس بين سبب ترك النبي ﷺ للكتابة وهو اختلاف بعض الصحابة، فقال عبيد الله فكان يقول ابن عباس: إنّ الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله ﵁ وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب (لاختلافهم ولغطهم)،فالسبب إذن: اللغط والاختلاف في الأمر، فأين ذكر عمر ﵁ فيه؟ ووجه ابن تيمية ﵀ الأمر توجيهًا رائعًا إذ قال:" وقول ابن عباس ﵁ إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله ﷺ وبين أنْ يكتب الكتاب يقتضي أن هذا الحائل كان رزية وهو رزية في حق من شك في خلافة الصديق أو اشتبه عليه الأمر فإنه لو كان هناك كتاب لزال هذا الشك فأما من علم أن خلافته حق فلا رزية في حقه" (٢). فإنه لو خيرا لما تركه رسول الله ﷺ،وإن كانت الوصية واجبة فلا يجوز للنبي ﷺ أن يترك واجبًا. فالنبي ﷺ أحرص الأنبياء على أمته بل وعلى جميع الناس، كما جاء في أحاديث الشفاعة العظمى والمقام المحمود، ولم يغمض عينيه إلا بعد أن بلغ رسالة ربه ﷿، قال تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ المائدة٣. فالنبي ﷺ شهيد على أمته، وأمته شهيدة على الناس، كما قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللهُ وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ﴾ البقرة١٤٣. وأخرج البخاري بسنده عن أبي سعيد الخدري ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ:"يدعى نوح يوم القيامة فيقول لبيك وسعديك يا رب فيقول هل بلغت فيقول نعم فيقال لأمته هل بلغكم فيقولون ما أتانا من نذير

(١) فتح الباري ٨/ ١٣٢. (٢) منهاج السنة٦/ ٢٥.

1 / 47