فيه مقدمة الواجب واستلزام الأمر بالشئ النهي عن ضده الخاص والدلالة الالتزامية ولا بد لنا أن نتكلم على ما لا بد منه في مطالب:
(المطلب الأول) - في البراءة الأصلية، اعلم أن الأصل - كما ذكره جملة من الفضلاء - يطلق على معان (أحدها) - الدليل كما يقال: الأصل في هذه المسألة الكتاب والسنة و (ثانيهما) - الراجح كقولهم: الأصل في الكلام الحقيقة و (ثالثها) - القاعدة كقولهم:
الأصل في البيع (1) اللزوم، والأصل في تصرفات المسلمين الصحة.
(ورابعها) الاستصحاب كقولهم: إذا تعارض الأصل والظاهر فالأصل مقدم.
والأصل فيما نحن فيه إما بمعنى الراجح، والمراد منه ما يترجح إذا خلى الشئ ونفسه، بمعنى أنه متى لوحظت الذمة من حيث هي هي مع قطع النظر عن التكليفات فإن الراجح برائتها، كما في قولهم: الأصل في الكلام الحقيقة، بمعنى أن الراجح ذلك لو خلي الكلام ونفسه من غير قرينة صارفة عن معناه الموضوع له، ويحتمل أن يكون الأصل هنا أيضا بمعنى استصحاب الحالة التي كان عليها الشئ قبل التكليف أو قبل حال الاختلاف كاستصحاب براءة الذمة قبل ذلك. ومن هنا صرح بعضهم بأن الوجه في التمسك بالبراءة الأصلية من حيث إن الأصل في الممكنات العدم.
إذا عرفت ذلك فاعلم أن المعنى الأول من هذه المعاني مما لا اشكال ولا خلاف فيه، وكذا الثاني في غير البراءة الأصلية، وأما فيها ففيه ما سيتضح لك من التفصيل
صفحة ٤١