أن المتقدمين كانوا إذا أعوزتهم النصوص في المسألة يرجعون إلى فتاوى علي بن الحسين ابن بابويه.
وممن صرح بامتناع انعقاد الاجماع في زمن الغيبة المحقق الشيخ حسن في كتاب المعالم، حيث قال: الحق امتناع الاطلاع عادة على حصول الاجماع في زماننا هذا وما ضاهاه من غير جهة النقل، إذ لا سبيل إلى العلم بقول الإمام (عليه السلام) كيف؟ وهو موقوف على وجود المجتهدين المجهولين، ليدخل في جملتهم ويكون قوله مستورا بين أقوالهم، وهذا مما يقطع بانتفائه، فكل اجماع - يدعي في كلام الأصحاب مما يقرب من عصر الشيخ إلى زماننا هذا وليس مستندا إلى نقل متواتر أو آحاد حيث يعتبر أو مع القرائن المفيدة للعلم - فلا بد أن يراد به ما ذكره الشهيد من الشهرة.
وأما الزمان السابق على ما ذكرناه المقارب لعصر ظهور الأئمة (عليهم السلام) وامكان العمل بأقوالهم، فيمكن فيه حصول الاجماع والعلم به بطريق التتبع وإلى مثل هذا نظر بضع علماء أهل الخلاف، حيث قال: الانصاف أنه لا طريق إلى معرفة حصول الاجماع إلا في زمان الصحابة، حيث كان المؤمنون قليلين يمكن معرفتهم بأسرهم على التفصيل " انتهى كلام المحقق المذكور (منحه الله تعالى البهجة والسرور).
والتحقيق أن أساطين الاجماع كالشيخ والمرتضى وابن إدريس وأضرابهم قد كفونا مؤنة القدح فيه وابطاله بمناقضاتهم بعضهم بعضا في دعواه، بل مناقضة الواحد منهم نفسه في ذلك كما لا يخفى على المتتبع البصير، ولا ينبئك مثل خبير، ولقد كان عندي رسالة الظاهر أنها لشيخنا الشهيد الثاني (قدس سره) كتبها في الاجماعات التي ناقض الشيخ فيها نفسه، وقد ذهبت في بعض الحوادث التي جرت على جزيرتنا البحرين.
(فإن قيل): إن بعض الأخبار مما يدل على حجية الاجماع، كمقبولة عمر
صفحة ٣٧