الأخبار بالحمل على تفاوت مراتب الناس في الاستعداد والوصول إلى تحصيل المقصود منه والمراد - فظني بعده عن سياق الأخبار. فإن أخبار المنع - كما عرفت من الشطر الذي قدمناه منها - قد دلت على الاختصاص بالأئمة (عليهم السلام). وادعاء مزاحمتهم (صلوات الله عليهم) في تلك المرتبة يحتاج إلى جرأة عظيمة. ومن أراد تحقيق الحال والإحاطة بأطراف المقال فليرجع إلى كتابنا الدرر النجفية.
(المقام الثاني) - في الاجماع. ومجمل الكلام فيه ما أفاده المحقق (طاب ثراه) في المعتبر واقتفاه فيه جمع ممن تأخر، قال (قدس سره): " وأما الاجماع فهو عندنا حجة بانضمام المعصوم. فلو خلا المائة من فقهائنا عن قوله لما كان حجة، ولو حصل في اثنين لكان قولهما حجة، لا اعتبار اتفاقهما بل باعتبار قوله (عليه السلام). فلا تغتر إذا بمن يتحكم فيدعي الاجماع باتفاق الخمسة والعشرة من الأصحاب مع جهلة قول الباقين " انتهى. وحينئذ فالحجة هو قوله (عليه السلام) لا مجرد الاتفاق، فيرجع الكلام - على تقدير ثبوت الاجماع المذكور - إلى خبر ينسب إلى المعصوم (عليه السلام) اجمالا. وترجيحه على الأخبار المنسوبة إليه تفصيلا غير معقول. وكأنهم زعموا أن انتسابه إليه في ضمن الاجماع قطعي ولا في ضمنه ظني. وهو ممنوع. على أن تحقق هذا الاجماع في زمن الغيبة متعذر. لتعذر ظهوره (عليه السلام) وعسر ضبط العلماء على وجه يتحقق دخول قوله في جملة أقوالهم. إلا أن ينقل ذلك بطريق التواتر والآحاد المشابه له نقلا مستندا إلى الحس، بمعاينة أعمال جميع من يتوقف انعقاد الاجماع عليه، أو سماع أقوالهم على وجه لا يمكن حمل القول والعمل على نوع من التقية ونحوها، ودونه خرط القتاد. لما يعلم يقينا من تشتت العلماء وتفرقهم في أقطار الأرض بل انزوائهم في بلدان المخالفين وحرصهم على أن لا يطلع أحد على عقائدهم ومذاهبهم.
وما يقال - من أنه إذا وقع إجماع الرعية على الباطل يجب على الإمام أن يظهر
صفحة ٣٥