الشيخ شهد له في الفهرست بأنه روى كتبه عن الرجال الموثوق بهم وبروايتهم. إلى غير ذلك من المحامل الصحيحة، إلى آخر كلامه (طاب ثراه).
ولقد أجاد فيما أفاد ولكنه ناقض نفسه فيما أورده من العذر للمتأخرين في عدولهم إلى تجديد هذا الاصطلاح. لأن قوله -: كانوا يتحرزون عن مجالستهم فضلا عن أخذ الحديث عنهم. وقوله: فقبولهم لها وقولهم بصحتها لا بد من ابتنائه على وجه صحيح - يستلزم أن تكون أحاديث كتب هؤلاء الأئمة الثلاثة الذين شهدوا بصحة ما رووه فيها كلها صحيحة.
(الرابع) - إنه لو تم ما ذكروه وصح ما قرروه للزم فساد الشريعة وابطال الدين، لأنه متى اقتصر في العمل على هذا القسم الصحيح أو مع الحسن خاصة أو بإضافة الموثق أيضا ورمي بقسم الضعيف باصطلاحهم من البين والحال أن جل الأخبار من هذا القسم كما لا يخفى على من طالع كتاب الكافي أصولا وفروعا وكذا غيره من سائر كتب الأخبار وسائر الكتب الخالية من الأسانيد. لزم ما ذكرنا وتوجه ما طعن به علينا العامة من أن جل أحاديث شريعتنا مكذوبة مزورة، ولذا ترى شيخنا الشهيد في الذكرى كيف تخلص من ذلك بما قدمنا نقله عنه دفعا لما طعنوا به علينا ونسبوه إلينا.
ولله در المحقق (ره) في المعتبر حيث قال: أفرط الحشوية في العمل بخبر الواحد حتى انقادوا لكل خبر وما فطنوا إلى ما تحته من التناقض. فإن من جملة الأخبار قول النبي (صلى الله عليه وآله): " ستكثر بعدي القالة " إلى أن قبل: واقتصر بعض على هذا الافراط فقال: كل سليم السند يعمل به. وما علم أن الكاذب قد يصدق والفاسق قد يصدق ولم ينتبه أن ذلك طعن في علماء الشيعة وقدح في المذهب. إذ لا مصنف إلا وهو يعمل بخبر المجروح كما يعمل بخبر العدل، إلى أن قال: وكل هذه الأقوال منحرفة عن السنن، والتوسط أقرب، فما قبله الأصحاب أو دلت القرائن
صفحة ٢١