15

تبصير أولي الألباب ببدعة تقسيم الدين إلى قشر ولباب

الناشر

دار طيبة

رقم الإصدار

العاشرة

سنة النشر

١٤١٤ هـ - ١٩٩٣ م

مكان النشر

مكة المكرمة

تصانيف

قالوا: فهذه النصوص وأمثالها كثير تدل على أن العبرة بصلاح الباطن وصفاء النية وسلامة القلب، ولا التفات بعد ذلك إلى القشور الظاهرة. وجواب ذلك: ما قاله شيخ الِإسلام ابن تيمية ﵀: (أنا ألتزم أنه لا يحتج مبطل بآية أو حديث صحيح على باطله، إلا وفي ذلك الدليل ما يدل على نقيض قوله)، وهذه من حكم الله الباهرة وآياته الظاهرة التي تبطل عمل المفسدين. فقوله ﷺ: " إنما الأعمالُ بالنياتِ، وإنما لِكُلِّ امريءٍ ما نَوَى " لا يدل بأي وجه من وجوه الدلالات على إهدار العمل الظاهر، وعدم اعتباره، ولكنه يرشدنا إلى أحد شَرْطَيْ العبادةِ الصحيحة، وهما شرط في الظاهر، وشرط في الباطن، فأما شرط الظاهر: فأن يكون العمل موافقًا لسنة النبي ﷺ منافيًا للبدع، ودليل هذا الشرط قوله ﷺ: " من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد " (١) وفي رواية: " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد "، وأما شرط الباطن فهو إخلاص النية لله ﷿ المنافي للرياء ودليله قوله ﷺ: "إنما الأعمال بالنيات". وقد جمعهما الله ﵎ في قوله: ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ (٢). وقال الفضيل بن عياض ﵀ في قوله تعالى: ﴿لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ﴾ (٣) قال: " أخلصه وأصوبه "، وقال: "إن العمل إذا كان خالصًا

(١) رواه من حديث أم المؤمنين عائشة ﵂ البخاري تعليقًا بصيغة الجزم (٤/ ٢٩٨) في البيوع: باب النجش، ووصله في الصلح (٥/ ٢٢١) باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود، ومسلم رقم (١٧١٨) في الأقضية: باب نقض الأحكام الباطلة، وأبو داود في السنة: باب لزوم السنة (٢/ ٥٠٦)، وأخرجه ابن ماجه في المقدمة: باب تعظيم حديث رسول الله ﷺ رقم (١٤). (٢) (الكهف: ١١٠). (٣) (الملك: ٢).

1 / 15