منحة العلام في شرح بلوغ المرام

عبد الله بن صالح الفوزان ت. غير معلوم
96

منحة العلام في شرح بلوغ المرام

الناشر

دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٧ - ١٤٣٥ هـ

تصانيف

الذي أسقانا»، فأتت أهلها، وقد احتبست عنهم، قالوا: ما حبسك يا فلانة؟ قالت: العجب، لقيني رجلان فذهبا بي إلى هذا الذي يقال له: الصابئ، ففعل كذا وكذا، فوالله إنه لأسحر الناس من بين هذه وهذه - وقالت بأصبعيها الوسطى والسبابة فرفعتهما إلى السماء، تعني: السماء والأرض - أو إنه لرسول الله حقًا، فكان المسلمون بعد ذلك يغيرون على من حولها من المشركين ولا يصيبون الصِّرْم (^١) الذي هي منه، فقالت يومًا لقومها: ما أرى أن هؤلاء القوم يدعونكم عمدًا، فهل لكم في الإسلام؟ فأطاعوها، فدخلوا في الإسلام). فهذا السياق كما ترى ليس فيه أنه ﷺ توضأ من المزادة، لكن ورد في سياقه عند البيهقي (١/ ٢١٨، ٢١٩): (فمضمض في الماء فأعاده في أفواه المزادتين أو السطيحتين ..) قال الألباني: (إسناده صحيح) (^٢). فهذا يدل على استعماله ﷺ لمزادة المشركة، فيدل على طهارة انية الكفار، وأما الوضوء فلعل الحافظ قصد به كونهم ملأوا قربهم وإداواتهم، ومن ضمن استعمالاتهم للماء الوضوء به، والله أعلم. وقد كثر ورود الحديث في كتب الفقه بهذه الصيغة التي ذكر صاحب «البلوغ»، وقد ذكرها المجد في «المنتقى»، ولم يتكلم عنها الشوكاني بشيء (^٣)، أما ابن دقيق العيد فقد ساق طرفًا من حديث عمران من قوله: (ودعا النبي ﷺ بإناء فأفرغ فيه من أفواه المزادتين ..) (^٤). الوجه الثالث: في شرح ألفاظه: قوله: (إن النبي ﷺ وأصحابه) قَصَد بذلك دفع توهم اختصاص ذلك بالنبي ﷺ. قوله: (توضأوا) تقدم سياق الحديث، وأنه ليس فيه ذلك صراحة، لكن

(^١) بكسر المهملة، الأبيات المجتمعة من الناس. (^٢) "إرواء الغليل" (١/ ٧٤). (^٣) انظر: "نيل الأوطار" (١/ ٨٨). (^٤) "الإلمام" رقم (١٦).

1 / 100