منحة العلام في شرح بلوغ المرام
الناشر
دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٧ - ١٤٣٥ هـ
تصانيف
حديث عثمان وعبد الله بن زيد وغيرهم ﵃، ولم يذكر أحد منهم أنه قدم عضوًا على غيره على خلاف الآية، وهو مفسر لما في كتاب الله تعالى، كما تقدم في الوجه الأول.
القول الثاني: أن الترتيب غير واجب، فمن قدم عضوًا على اخر فوضوؤه تام، وهو قول مالك، وأصحاب الرأي (^١)، ورواية عن أحمد، ذكرها أبو الخطاب (^٢)، وبه قال جماعة من السلف، واختاره ابن المنذر (^٣).
واستدلوا بدليلين:
١ - حديث الرُّبَيِّع بنت معوذ في وصف وضوء النبي ﷺ وفيه: (فغسل كفيه ثلاثًا، ووضَّأ وجهه ثلاثًا، ومضمض واستنشق مرة ..) وفي لفظ: (فيبدأ فيغسل يديه قبل أن يدخلهما ثلاثًا، ثم يتوضأ فيغسل وجهه ثلاثًا، ثم يمضمض ثلاثًا، ويستنشق ثلاثًا ..) (^٤).
٢ - أن الله تعالى أمر بغسل الأعضاء، وعطف بعضها على بعض بواو الجمع، وهي لا تقتضي الترتيب، فكيفما غسل كان ممتثلًا.
والراجح القول الأول، وهو وجوب الترتيب بين أعضاء الوضوء، لقوة دليله، قال أبو داود: (سمعت أحمد قيل له: إذا قدم وضوءه بعضه قبل بعض؟ قال: لا يجوز حتى يأتي به على الكتاب والسنة) (^٥).
وأما دليل أصحاب القول الثاني وهو حديث الربيِّع فعنه جوابان:
الأول: أنه حديث معلول؛ لأنه من رواية محمد بن عبد الله بن عقيل وقد مضى ما فيه.
الثاني: على فرض صحته، فتقديم المضمضة والاستنشاق تقديم مسنون
(^١) "حاشية ابن عابدين" (١/ ١٢٢)، "المدونة الكبرى" (١/ ١٤)، "المنتقى" (١/ ٤٧). (^٢) "الهداية" (١/ ١٤). (^٣) "الأوسط" (١/ ٤٢٢). (^٤) أخرجه أبو داود (١٢٦)، والدارقطني (١/ ٩٦) واللفظ الثاني له، حسّنه الألباني في "صحيح سنن أبي داود" (١/ ٢٧). (^٥) "مسائل الإمام أحمد" لأبي داود ص (١١).
1 / 213