الغرر السافر فيما يحتاج إليه المسافر

بدر الدين الزركشي ت. 794 هجري
18

الغرر السافر فيما يحتاج إليه المسافر

تصانيف

الفقه

وكل غريب سوف يمشي بذلة ... إذا بات عن أوطانه وجفا الأهلا

وأنشدوا:

وإن اغتراب المرء من غير حاجة ... ولا فاقة يسموا لها لعجيب

وحسب الفتى ذلا، وإن أدرك الغنى ... (ولو) نال ملكا، أن يقال غريب

ومما ينسب إلى الشافعي - رحمه الله -، رواه ابن السمعاني بإسناده (عنه):

إن الغريب له مخافة سارق ... وخضوع مديون وذلة موثق

فإذا تذكر أهله وبلاده ... ففؤاده كجناح طير خافق (¬1)

وقد قال تعالى حاكيا عن من دخل الجنة: {يا ليت قومي يعلمون} [يس: من الآية26].

وأنشد ابن عطية:

على العز مطلوب وملتمس ... وأحسنه ما نيل في الوطن

وكان الحجاج يقول: "لولا فرح الإياب لما عذبت أعدائي إلا بالسفر". وقيل: "الغربة ذلة فإن أعقبها قلة فهي نفس مضمحلة". وقال إبقراط: (يداوي كل عليل بعقاقير أرضه فإن الطبيعة تنزع إلى غذائها وعادتها". وقال جالينوس: يستروح العليل إلى تربة أرضه كما تستروح الأرض الجدبة لوابل القطر. ولله در بن الرؤبي حيث يقول:

وحبب أوطان الرجال إليهم ... مآرب قضاها الفؤاد هنالكا

إذا ذكروا أوطانهم ذكرتهم ... عهود الصبا فيها فحنوا لذالكا

وأراد الحطيئة سفرا فلما أراد الركوب قالت له زوجته: متى الرجوع؟ فانشد:

صفحة ٢٦