وروى سفيان الثوري عن أبي إسحاق عن مطر بن عكامس، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا قضى الله لرجل أن يموت بأرض جعل له إليها حاجة" رواه الترمذي، وقال: غريب، لا يعرف لمطر غيره (¬1)، وأخرجه الحاكم في مستدركه سندا ومتنا، ثم أخرجه عن أبي حمزة عن أبي إسحاق: "ما جعل الله أجل رجل بأرض إلا حصلت له فيها حاجة" (¬2). ثم قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، فقد اتفقا جميعا إخراج جماعة من الصحابة ليس لكل واحد منهم إلا راو واحد (¬1). وقال عثمان بن سعيد الدارمي (¬2)، قلت ليحيى بن معين: مطر بن عكامس لقي النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: لا أعلم روى هذا الحديث، وأخرجه الترمذي أيضا من حديث أبي المليح عن أبي عزة واسمه يسار بن عبد، وله صحبة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا قضى الله لعبد أن يموت بأرض جعل له إليها حاجة" أو قال فيها حاجة (¬3) ". وقال: حسن صحيح (¬4). وأخرجه الحاكم، وقال: حديث صحيح، ورواته عن آخرهم ثقات، وسمعت أبا العباس محمد بن يعقوب يقول: سمعت العباس (بن محمد) الدوري (¬5) يقول: سمعت يحيى بن معين يقول: اسم أبي عزة يسار بن عبد له صحبة، وأما المليح فإني سمعت الدارقطني يلزم البخاري ومسلما إخراج حديث أبي المليح عن أبي عزة، فقد احتج البخاري بحديث أبي المليح عن بريدة ، وحديث أبي عزة رواه جماعة من الثقات الحفاظ. وأخرجه ابن عدي من جهة عبيد الله بن أبي حميد الهلالي عن أبي المليح به. قال: وعبيد الله متروك الحديث (¬6). وأخرجه ابن ماجة والحاكم أيضا من حديث إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن عبد الله بن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا كان أجل أحدكم بأرض أتت له إليها حاجة، فإذا بلغ أقصى أثره فتوفاه الله، فتقول الأرض يوم القيامة: يا رب هذا ما استودعتن " (¬1). قال الحاكم (¬2): قد احتج البخاري برواة هذا الحديث عن آخرهم. وفي لفظ له: "إذا كان منية أحدكم بأرض أتيح له الحاجة، فيقصد إليها أقصى أثره فيقبض منها. فتقول الأرض يوم القيامة: رب هذا ما استودعتني". وقال: قد أسنده ثلاثة من الثقات عن إسماعيل: (عمرو بن علي المقدمي ومحمد بن خالد الوهبي وهشيم) (¬3). وساق أسانيدهم. ثم قال: وأوقفه عنه سفيان بن عيينة، فيجيء على شرطهما في إخراج الزيادة من الثقات في الوصل والسند. انتهى.
وأنشد بعضهم في هذا المعنى:
إذا ما حمام المرء كان ببلدة ... دعته إليها حاجة فيطير
وكان الشافعي رضي الله عنه ينشد قبل مجيئه إلى مصر (¬4):
صفحة ٢٢