بين الذكية والميتة، ولا يجوز الامتنان بما لا يجوز الانتفاع به لنجاسته، وقوله تعالى:
(حرمت عليكم الميتة) (1) لا يعارض ما ذكرناه، لأن اسم الميتة يتناول ما تحله الحياة، وهذه الأشياء لا تحلها الحياة، فلا يحلها الموت.
فأما جلد الميتة فلا يطهر بالدباغ، بدليل هذا الإجماع، وظاهر قوله تعالى:
(حرمت عليكم الميتة) ، والمراد الانتفاع بها بأكل أو بيع أو غيرها من التصرف، واسم الميتة يتناول الجلد قبل الدباغ وبعده، ونحتج على المخالف بما روى من طرقهم من قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) قبل موته بشهر: «لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب» (2) وقول من قال: إن الجلد لا يسمى إهابا بعد الدباغ خارج عن اللغة والشرع، فلا يعتد به.
والخنزير نجس بلا خلاف.
والكلب نجس بلا خلاف إلا من مالك (3)، ويدل على نجاسته إجماع الطائفة، ويغسل الإناء من ولوغه فيه ثلاث مرات، إحداهن- وهي الأولى- بالتراب، بدليل هذا الإجماع، ونحتج على المخالف بما روى من طرقهم من قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): «إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله ثلاث مرات». (4) وفي خبر آخر: «فليغسله ثلاثا أو خمسا أو سبعا» (5) وهذا بظاهره أيضا يقتضي وجوب الثلاث، من حيث لم يجز عليه الاقتصار على ما دونها، ولأن لفظة «أو» إما أن تفيد التخيير بين هذه الأعداد، وتكون كلها واجبة على جهة التخيير، وإما أن تفيد التخيير بين الاقتصار على الثلاث التي هي الواجبة، وبين الزيادة عليها على جهة الندب، فإذا كان الأول باطلا بالإجماع، لم يبق إلا الثاني.
صفحة ٤٣