92

الغنية في أصول الدين

محقق

عماد الدين أحمد حيدر

الناشر

مؤسسة الكتب الثقافية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

1406هـ - 1987م

مكان النشر

لبنان

قلنا هذا الخاطر يعارضه مثله وذلك أن العاقل يخطر له كونه عبدا محكوما عليه وأنه ليس للملوك إلا ما أذن فيه مالكه وأنه لو أتعب نفسه كانت مكدودة من غير إذن مولاه وإن مالكه غني عن شكره وأنه يبتدي بالنعم قبل الاستحقاق لا يبتغي بدلا ولو فعل كان منه سوء أدب فإذا كان هذا الخاطر معارضا للأول فقضية العقل التوقف فيه وانتظار الأمر والإذن

والذي يحقق ما قلنا أن الملك العظيم إذا أعطى عبده رغيفا بالمثل ثم أراد العبد أن يطوف شرقا وغربا يثني على سيده بحسن عطائه وذكر إنعامه لا يعد مستحسنا لأن ما صدر من الملك بالإضافة إلى قدرة مستحقر فيكون العبد مستحقا للتأديب وجملة المخلوقات بالإضافة إلى جلال الله تعالى أقل من إضافة رغيف إلى ملك من ملوك الدنيا

جواب آخر أن من لا يخطر له الخاطر الذي ذكروه فطريق العلم لم يوجد في حقه والشكر حتم عليه على قولهم فبطلت قاعدتهم

مسألة

مذهب أهل الحق أن لا واجب على الله أصلا بل هو يتصرف في مملكته على حسب إرادته ومشيئته

وقالت المعتزلة يجب على الله تعالى من طريق الحكمة أن يخلق الخلق ابتداء وإذا خلق الذين علم انه يكلفهم فيجب أن يكمل عقولهم حتى يؤمنوا به ويجب أن يفعل ما هو الأصلح لهم في دينهم ودنياهم ولا يجوز في حكمته أن يبقى ممكنا بما فيه صلاحهم في العاجل والآجل وإذا أطاع العبد مولاه فيما أمر به يجب على الله أن يثيبه عليه وأن يعوضه عما لحقه من الألم

صفحة ١٣٩