النقول والأحاديث- أن النبي ﷺ حيٌّ بجسده وروحه، وأنه يتصرف ويسير حيث يشاء في أقطار الأرض وفي الملكوت. وهو بهيئته التي كان عليها قبل وفاته لم يتبدل منه شيء، وأنه مغيب عن الأبصار كما غيّبت الملائكة -مع كونهم أحياء بأجسادهم- فإذا أراد الله تعالى رفع الحجاب عمّن أراد إكرامه برؤيته رآه على هيئته التي هو عليها، لا مانع من ذلك، ولا داعي إلى التخصيص برؤية المثال، انتهى.
وذهب إلى نحو هذا في سائر الأنبياء ﵈، فقال: إنهم أحياء رُدّت إليهم أرواحهم بعد أن قبضوا، وأذن لهم في الخروج من قبورهم، والتصرف في الملكوت العلوي والسفلي! وأتى بأخبار كثيرة تشهد له، وكلها لا أصل لها، ولا متصرف في الكون إلا الله تعالى، كما سنبرهن على ذلك إن شاء الله، ويكفي في إبطال هذا القول قوله تعالى: ﴿اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً﴾ ١ فإذا أمسك التي قضى عليها فمن أين لها التمكن من التصرف؟ ومن أين لأحد أن يراها؟.
وأعجب من ذلك كله؛ ما نقله الشيخ صفيّ الدين بن أبي المنصور، والشيخ عبد الغفار، عن الشيخ أبي العباس الطنجي، من أنه رأى السماء والأرض والعرش والكرسي مملوءة من رسول الله ﷺ. وزعم من زعم أن السؤال عن كيفية رؤية المتعددين له ﵊ في زمان واحد في إقطار متباعدة يخل به، ولا يحتاج معه إلى ما أشار إليه بعضهم، وقد سئل عن ذلك فأنشد:
كالشمس في كبد السماء وضوءها ... يغشى البلاد مشارقًا ومغاربًا
اللهم إنا نعوذ بك من أن نقول ما لا ترضاه، وأن تعصمنا من الزيغ والزلل والاشتباه.
_________
١ سورة الزمر: ٤٢.
1 / 74