توفي سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة.
(ناصح الدين أبو محمد سعيد المعروف بابن الدهان) النحوي البغدادي شارح كتاب "الأيضًاح" و"التكملة" وكتاب "اللمع" لابن جني، وكان يُفضِّل على ابن أبي محمد الجواليقي وابن الخشاب وابن الشجري المعاصرين له. انتقل إلى الموصل قاصدًا جناب الوزير جمال الدين الأصفهاني المعروف بالجواد، وكانت كتبه ببغداد واستولى الغرق في تلك السنة على البلد، فغرقت كتبه، وكان خلف داره مدبغة ففاضت بالغرق إلى بيته فتلفت كتبه بهذا السبب زيادة على تلف الغرق، فأرسل من أحضرها له -وكان قد أفنى عمره فيها- فأشاروا عليه أن يطيبها بالبخور ويصلح ما أمكنه فيها، فبخرها باللاِّذن ولازمها بالبخور إلى أن بخرها بأكثر من ثلاثين رطلًا لاذنًا، فطلع ذلك إلى رأسه وعينيه فأحدث له العمى. توفي سنة تسع وستين وخمسمائة١.
(أبو العباس أحمد بن محمد بن عطاء) أحد أئمة الصوفية، حدّث عن يوسف بن موسى القطان والمفضل وغيرهما، كانت له ختمة يتلوها سبع عشرة سنة يتدبرّها، مات ولم يكملها. أحضر في أمر الحلاّج -وقد كتب الحلاّج اعتقاده- فسأله الوزير حامد بن العباس عما قاله الحلاج، فقال: من لا يقول بهذا فهو بلا اعتقاد، فقال له الوزير: ويحك تُصَوّب مثل هذا الاعتقاد؟ فقال: مالك ولهذا؟ عليك بما نصبت له من أخذ أموال الناس وظلمهم، مالك والكلام مع هؤلاء السادة. فأمر الوزير بضرب شِدْقَيْهِ، ونزع خُفِّيْهِ وأن يُضْرَبَ بهما رأسه، فما زال يفعل به كذلك حتى سال الدم من منخريه، وأمر بسجنه، فقيل له: أيها الوزير؟ إن العامة تتشوش بهذا. فحُمل إلى منزله. قال ابن عطاء: اللهم اقتله أخبث قتلة، واقطع يديه ورجليه، فمات ابن عطاء بعد سبعة أيام سنة تسع وثلاثمائة، ثم مات الوزير مثل ما دعا عليه ابن عطاء مقطوع اليدين والرجلين مقتولًا٢.
_________
١ انظر:"الفلاكة والمفلوكين" (ص١٢٦-١٢٧) و"سير أعلام النبلاء" (٢٠/٥٨١- ٥٨٢) و"النجوم الزاهرة" (٦/٧٢) و"بغية الوعاة" (١/٥٧٨) .
٢ انظر: "سير أعلام النبلاء" (١٤/٢٥٦) و"تاريخ بغداد" (٥/٢٦- ٣٠) .
1 / 65