زُلْفَى﴾ ١ ويقولون: ﴿هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ﴾ ٢ فبعث الله رسولَهُ ينهى أن يُدعى أحد من دونه، لا دعاء عبادة، ولا دعاء استغاثة، وقال تعالى: ﴿سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا وَلا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا *أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ﴾ ٣ قال طائفة من السلف: كان أقوام يدعون المسيح وعزيرًا والملائكة، فأنزل الله هذه الآية، ثم ذكر آيات في المعنى. انتهى٤.
والمقصود منه: أنه جعل عُبّاد القبور من شر الخوارج المارقين، فهم شر أصناف الخوارج، وقد توقف بعض السلف في تكفير الخوارج، قيل لعلي: أكفّار هم؟ صال:"من الكفر فرّوا"٥.
وعُبّاد القبور لم يتوقّف أحد من أهل العلم- الذين يرجع إليهم- في كفره.
غاية ما قالوا: لا يقتل حتى يستتاب، أو لا يكفر حتى تقوم عليه الحجة أو نحو هذا الكلام، والمسلمون لم يكفّرهم أحد من أهل العلم، ولشيخ الإسلام نصوص أخر في هذا المعنى ننقلها تتميمًا للفائدة:
قال ﵀ في كتاب "الاستغاثة" الذي رد به على ابن البكري:"إن أهل العلم والسنة لا يكفّرون من خالفهم، وإن كان ذلك المخالف يكفّرهم؛ لأن الكفر حكم شرعي، فليس للإنسان أن يعاقب بمثله، كمن كذب عليك وزنى بأهلِكَ ليس لك أن تكذب عليه وتزني بأهله، لأن الكذب والزنا حرام لحق الله تعالى، وكذلك التكفير حق لله تعالى، فلا يكفر إلا من كفّره الله ورسوله. وأيضًا فإن تكفير الشخص المعين وجواز قتله موقوف على أن تبلغه الحجة النبوية التي يكفر من خالفها، وإلا فليس كل من جهل شيئًا من الدين يكفر.
_________
١ سورة الزمر: ٣.
٢ سورة يونس: ١٨.
٣ سورة الإسراء: ٥٦- ٥٧.
٤ انظر "فتح القدير" للشوكاني (٣/ ٣٢٩- ط. دار الوفاء) .
٥ أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (١٥/٣٣٢) بإسناد صحيح.
1 / 46