العيدروسي كان يُحيي ... من الأموات من قد مات دهرًا
وهكذا تجدهم يتضاربون بالأقوال، ولم يزالوا قائمين على ساق المخاصمة والجدال، والحازم ينظر إلى الدليل فما أداه إليه نظره من الحق أخذ به وترك ما سواه.
ومن خصالهم: التعبُّد بما لم يأذن به الله، قال تعالى: ﴿وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ * قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ﴾ ١.
المراد بالفاحشة في الآية؛ عبادة الأصنام، وكشف العورة في الطواف ونحو ذلك مما كان عليه مشركوا العرب في الجاهلية، وفي الآية حذف، أي: وإذا فعلوا فاحشة فنهوا عنها قالوا: وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها، محتجين بأمرين: تقليد الآباء، والافتراء على الله.
وكان من سنة الحمس أنهم لا يخرجون أيام الموسم إلى عرفات إنما يقفون بالمزدلفة، وكانوا لا يسلؤون ولا يأتقطون، ولا يربطون عنزًا ولا بقرة، ولا يغزلون صوفًا ولا وبرًاَ، ولا يدخلون بيتًا من الشَّعر والمدر، وإنما يكتنون في القباب الحمر في الأشهر الحرم، ثم فرضوا على العرب قاطبة أن يطرحوا أزواد الحل إذا دخلوا الحرم، وأن يتركوا ثياب الحل ويستبدلوها بثياب الحرم، إما شراء وإما عارية، وإما هبة، فإن وجدوا ذلك فبها وإلا طافوا بالبيت عَرايا، وفرضوا على نساء العرب مثل ذلك، غير أن المرأة كانت تطوف في درج مفرج القوائم والمآخير، قالت امرأة وهي تطوف بالبيت:
اليوم يبدو بعضه أوكله ... وما بدا منه فلا أحله
أحثم مثل القعب باد ظله ... كان حمى خيبر لا تمله
_________
١ سورة الأعراف: ٢٨، ٢٩.
1 / 41