خطبة الكتاب
...
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله على ما عرفنا من نفسه، وألهمنا من شكره، وفتح لنا من أبواب العلم بربوبيته، ودلّنا عليه من الإخلاص في توحيده، وجنّبنا من الإلحاد والشك في أمره، وهو ربّ العالمين، وقَيُّوم السموات والأرضين. نحمدُه حمدًا يضيء لنا به ظلمات البرزخ، ويسهل علينا به سبيل المبعث، ويشرف به منازلنا عند مواقف الأشهاد يوم تُجزى كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون، يوم لا يغني مولى عن مولى شيئًا ولا هم ينصرون.
ونشهد أن لا إله إلا الله العظيم السلطان، والملك الديان، الذي لا شريك له ولا ند، ولا وزير ولا معين، وهو الربّ المستعان، فسبحانه من إله وقفت سيارات العقول حيارى في مواقف عظمته، وتاهت ثوابت أبكار الأفكار سكارى في فيافي قدرته، وأقام أدلة وحدانيته على رؤوس عرائس الكائنات، ونظم براهين تفرده بربوبيته في سلك امتناع تسلسل الموجودات.
ونرفع إليه جلّ شأنهُ أَكُفَّ التضرّع والابتهال، ونبسط له- تعالى سلطانه- أيدي التذلل والسؤال، أن يُدِيَم ديم صلاته وسلامه هاطلة على أَجَلِّ من نشر رايات التوحيد، وعقد خنصر قلبه على تقديس ربه المجيد، وتمسِّك بكتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، سيّدنا ومولانا محمد أمينك على وحيك، ونجيبك من خلقك، وصفّيك من عبادك، إمام الرحمة، وقائد الخير ومفتاح البركة، الذي نصب لأمرك نفسه، وعرض فيك للبلاء بدنه، وكاشف إليك في الدعاء خاصته، وحارب في رضاك أسرته، وقطع في إحياء دينك رحمه، وأدأب نفسه في تبليغ رسالتك، وأتعبها بالدعاء إلى
1 / 25