(لا قيمة لمناقشة المحدثين في السند)
(المطلب الثاني): في بيان أن تضعيفهم للرواية ومناقشتهم في السند لا قيمة لها ولا عبرة بها لأمرين:
(الأول): أن علماء الجرح والتعديل مطعون فيهم عندهم، فلا يصح اعتبار أقوالهم، كما يدل عليه ما في ميزان الاعتدال بترجمة عبد الله بن ذكوان المعروف بأبي الزناد قال: قال ربيعة: ليس بثقة ولا رضي. ثم قال: لا يسمع قول ربيعة فيه، فإنه كان بينهما عداوة ظاهرة.
وفي الميزان أيضا بترجمة الحافظ أبي نعيم الأصبهاني أحمد بن عبد الله قال: هو أحد الأعلام صدوق، إتكلم فيه بلا حجة، ولكن هذه عقوبة من الله لكلامه في ابن مندة بهوى. ثم قال: وكلام ابن مندة في أبي نعيم فضيع، لا أحب حكايته. ثم قال: كلام الأقران بعضهم في بعض لا يعبأ به، لا سيما إذا لاح لك أنه لعداوة أو لمذهب أو لحسد، ما ينجو منه إلا من عصم الله!!
وما علمت أن عصرا من الأعصار سلم أهله من ذلك سوى الأنبياء والصديقين، ولو شئت لسردت من ذلك كراريس. فإن هذه الكلمات ونحوها دالة على أن الطعن للحسد والهوى والعداوة، فاش بينهم وعادة لهم، فلا يجوز الاعتبار بأقوالهم في مقام الجرح والتعديل، حتى مع اختلاف العصر أو عدم ظهور الحسد والعداوة لارتفاع الثقة بهم، وزوال عدالتهم، وصدور الكذب منهم.
وأسخف من ذلك ما في تهذيب التهذيب بترجمة عبد الله بن سعد أبي قدامة السرخسي قال: قال الحاكم: روى عنه محمد بن يحيى ثم ضرب على حديثه، وسبب ذلك أن محمدا دخل عليه فلم يقم له. فإن من هذا فعله، كيف يعتمد عليه في التوثيق والتضعيف، ويجعل عدم روايته عن شخص دليل الضعف؟! وقريب منه ما ذكروه في ترجمة النسائي.
صفحة ٩