وأعظم من ذلك ما في تهذيب التهذيب بترجمة سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف قال: إن مالكا لم يكتب عنه، قال الساجي: يقال: إنه وعظ مالكا فوجد عليه فلم يرو عنه. فإن من يترك الرواية عن شخص لموعظته له حقيق بأن لا يجعل عدم روايته عن الأشخاص علامة الضعف، وأولى بأن لا يعتمد على توثيقه وتضعيفه.
نعم ذكر في تهذيب التهذيب أيضا عن ابن معين: أن سعدا تكلم في نسب مالك فترك الرواية عنه. فحينئذ يمكن أن يكون بهذا وجه لترك مالك الرواية عنه،وذلك أن مالكا ولد بعد أبيه بثلاث سنين.
وذكر في تهذيب التهذيب بترجمة محمد بن إسحاق صاحب السيرة: أن مالكا قال في حقه: دجال من الدجاجلة، ثم ذكر في الجواب عنه قول محمد بن فليح: نهاني مالك عن شخصين من قريش وقد أكثر عنهما في الموطأ وهما مما يحتج بهما. وحاصله أن قدح مالك لا عبرة به، لأن فعله ينقض قوله.
وإليك جملة من علماء الجرح والتعديل لتنكشف لك الحقيقة تماما، ولنذكر أشهرهم وأعظمهم بيسير من أحوالهم التي تيسر لي فعلا بيانها.
فمنهم: (أحمد بن حنبل) ذكر في تهذيب التهذيب بترجمة علي بن عاصم بن صهيب الواسطي: (( أن أبا خيثمة قال: قلت لابن معين: إن أحمد يقول ليس هو بكذاب. قال: لا والله ما كان عنده قط ثقة، ولا حدث عنه بشيء، فكيف صار اليوم عنده ثقة ))، فإنه صريح في اتهام ابن معين لأحمد وتكذيبه له.
ونقل السيد العلوي الجليل محمد بن عقيل في كتابه (العتب الجميل /102) عن المقبلي في العلم الشامخ : أن أحمد لما تكلم في مسألة خلق القرآن وابتلي بسببها جعلها عدل التوحيد أو زاد، ثم ذكر المقبلي أن أحمد كان يرد رواية كل من خالفه في هذه المسألة تعصبا منه، قال: وفي ذلك خيانة للسند، ثم قال: بل زاد فصار يرد الواقف ويقول: فلان واقفي مشئوم، بل غلا وزاد وقال: لا أحب الرواية عمن أجاب في المحنة كيحيى بن معين.
أقول: صدق المقبلي فإن من سبر تهذيب التهذيب وميزان الاعتدال رأى ذلك نصب عينه.
صفحة ١٠