وعلى هذا لم يبق لمدرسة الفرنسيسكان في إشبيلية من أساليب تعلم العربية إلا أثر ضئيل ، وأراد شارل الثالث أن يعيد إلى إسبانيا عهد الآداب العربية، فاستدعى لذلك رهبانا موازية من سورية؛ ليعلموا الإسبانيين لغتهم الأصلية الثانية، ويحق للنصف الثاني من القرن الثامن عشر أن يباهي بأساتذة متمكنين من أسرار العربية في إسبانيا.
ولما دخل الإصلاح إلى الكليات القديمة في أواخر النصف الأول من القرن التاسع عشر عادت العربية تدرس في جامعات إسبانيا رسميا، ولما استلمت الحكومة الإسبانية سنة 1857 زمام إصلاح التعليم من دون رجال الدين أو الملك أو الأشراف ربحت اللغة العربية حتى كادت تعود إليها حياتها التي كانت لها في شبه جزيرة إسبانيا من القرن الثاني عشر إلى القرن الخامس عشر، فأخذت معرفة اللغات والآداب العبرية والعربية تدخل من تلقاء نفسها في قائمة دروس التعليم العالي، وأخذ المستعربون ينتفعون من المخطوطات العربية المحفوظة في مكتبة الأسكوريال ومكتبة الأمة ومكتبة المجمع العلمي التاريخي، ومن المخطوطات العربية المكتوبة بحروف عبرية المحفوظة في كاتدرائية طليطلة. دع مكتبة خزائن كايانكوس وكودرا ورينرا وآسين وغيرهم من رجال المشرقيات.
والعربية اليوم تدرس رسميا في كلية مجريط وغرناطة وبرشلونة وصلمنكة وبلنسية وإشبيلية وغيرها، ولكن التدريس فيها مهمل، والمدرسون غير كفاة إلا في العاصمة وبعض الولايات، وقد نشر المستشرقون من الإسبان منذ أواخر القرن التاسع عشر كتبا عربية كثيرة متعلقة بتاريخ الأندلس، وتراجم رجاله، وبعض العلوم التي اشتغلوا بها، ومنها الجيد وأكثره مملوء بالأغلاط والتحريف، وهو دون ما نشره الهولانديون والجرمانيون والبريطانيون والطليان من هذا القبيل من حيث الصحة والإتقان.
وأنت ترى أن الاستشراق العربي كان الدين هو الداعي إليه كما كان في معظم بلاد أوروبا، ثم امتزج الدين بحب المدنية، ثم امتزج كلاهما باسم الاستعمار، ولكن المحصول في شبه جزيرة أيبيريا أي في إسبانيا والبرتغال قليل، وفي جامعة لشبونة عاصمة البرتغال درس عربي اليوم، ومدرسة الأستاذ لويس الذي نشر بعض الكتب العربية، فهو المرجع في البرتغال اليوم، كما أن الأستاذ آسين مرجع الإسبان في مجريط، وكلاهما عضو في المجمع العلمي العربي.
هوامش
صفحة غير معروفة