روبسبيير (وحده) :
اذهب! يريد أن يوقف خيول الثورة أمام الماخور، كما يفعل السائق بجياده المدربة، ولكنهم سيجدون القوة الكافية لسحبه إلى ميدان الثورة. يدوس على كعب حذائي! لكيلا أبتعد عن أفكارك! قف! قف! هذه هي الحقيقة؟ سيقولون إن هيئته العملاقة ألقت ظلالها الكثيرة علي؛ ولذلك عملت على إبعاده عن الشمس. وإذا كانوا صادقين في قولهم؟ أهو أمر ضروري حقا؟ نعم! نعم! الجمهورية! لا بد أن يذهب. من المضحك أن تراقب أفكاري بعضها البعض. لا بد أن يذهب. إن من يتوقف عن السير وسط الجماهير الزاحفة فهو يقاومها كما لو كان يمنع تقدمها، ولا بد أن تدوسه الأقدام.
لن ندع سفينة الثورة تتحطم على تقديرات هؤلاء الناس الضحلة وشواطئهم الموحلة. يجب علينا أن نقطع اليد التي تجرؤ على وقفها، حتى ولو تشبثت بها الأسنان! فلتستأصل هذه الجماعة التي جردت الأرستقراطية الحمراء من ملابسها وورثت عنها قروحها!
لا فضيلة! الفضيلة كعب حذائي! لكيلا أبتعد عن أفكارك! لماذا تلح علي هذه الخواطر؟ ألا أستطيع أن أتخلص من هذه الفكرة؟ إنها تشير دائما بأصبع دامية إلى هناك! إلى هناك! وكلما حاولت أن ألف الخرق حولها نفدت منها الدماء! (بعد فترة صمت)
لست أدري من الذي يكذب في صاحبه (يتقدم إلى النافذة) . الليل منسدل فوق الأرض يغط في نومه، ويلتف في حلم موحش. أفكار وأماني لا نكاد نحس بها، مضطربة وغامضة، تتوارى خائفة من ضوء النهار، تتلقى الآن شكلا ورداء وتتسلل إلى بيت الأحلام الساكن. إنها تفتح الأبواب، تطل من النوافذ، تتجسد وتمد أعضاءها في النوم، وتتمتم منها الشفاه. أليست يقظتنا حلما ناصعا؟ ألسنا نسير نياما؟ أليست أفعالنا هي نفس الأفعال التي نقوم بها في الحلم، ولكن بصورة أوضح وأدق؟ من الذي يستطيع أن يلومنا على هذا؟ إن العقل ينجز في ساعة واحدة من الأفعال الفكرية أكثر مما يقدر الكيان العضوي الكسول على إنجازه في أعوام. إن الخطيئة كامنة في الفكرة. أما أن تصبح الفكرة عملا، أو أن يؤديها الجسم بعد ذلك، فهذا أمر متروك للصدفة. (يدخل سان جوست.)
روبسبيير :
ها، من هناك في الظلام؟ ها! نور! نور!
سان جوست :
هل تعرف صوتي؟
روبسبيير :
صفحة غير معروفة