الاتجاهات العامة للاجتهاد ومكانة الحديث الآحادي الصحيح فيها
الناشر
دار المكتبي للطباعة والنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٠ هـ - ٢٠٠٠ م
مكان النشر
دمشق
تصانيف
وذلك هو مقتضي العمل بدلالة اللفظ، والمعنى الذي وضع له في اللغة، وهو إجماع الصحابة وأهل اللغة، فإنهم بأجمعهم قد أجروا الألفاظ العامة من نصوص الكتاب والسنة على عمومها وشملوا بها كل الأفراد التي تدخل فيها إلا ما ثبت الدليل على استثنائه من العموم أو تخصيصه بحكم خاص غير الحكم الثابت في النص العام.
فاتفقوا على العمل بالعموم في قوله تعالى: ﴿وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا﴾ [البقرة: ٢٧٨].
وقوله: ﴿لاَ تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ﴾ [المائدة: ٩٥]. وقوله: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾ [البقرة: ١١٠].
وغير ذلك كثير من صيغ العموم في الكتاب والسنة. بل إن النبي ﷺ دعا بعض الصحابة وهو في الصلاة فلم يجبه، قال ﷺ: «أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ: ﴿اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ [لِمَا يُحْيِيكُمْ]﴾ [الأنفال: ٢٤]» أخرجه البخاري من حديث أَبِي سَعِيدِ بْنِ المُعَلَّى والترمذي من حديث أُبَيٍّ بْنِ كَعْبٍ (١). وهذا استدلال بالعموم كما قال السرخسي (٢).
قَطْعِيَّةُ دَلاَلَةِ العَامِّ:
الا أن الحنفية اختلفوا بعد ذلك مع الجمهور في طبيعة هذه الدلالة التي أفادها النص العام على العموم، هل هي قطعية أو ظنية؟
والمراد بالدلالة القطعية هنا: أن النص العام لا يحتمل الخصوص احتمالًا ناشئًا عن دليل، أو أن دلالته لا شبهة فيها.
_________
(١) " البخاري " في (فضائل القرآن): جـ ٦ ص ١٨٧، والترمذي: جـ ٥ ص ١٥٥ و١٥٦ وصححه.
(٢) " أصول السرخسي ": جـ ١ ص ٣٥.
1 / 14