على حقائقها . وكل ذلك من العالم وهو تدبير الحق فيه . فما دبره إلا به . وأما قولنا أو بصورته - أعني صورة العالم - فأعني به الأسماء الحسنى والصفات العلى التي تسمى الحق بها واتصف بها . فما وصل إلينا من اسم تسمى به إلا وجدنا معنى ذلك الاسم وروحه في العالم . فما دبر العالم أيضا إلا بصورة العالم ولذلك قال في خلق آدم الذي هو البرنامج الجامع لنعوت الحضرة الإلهية التي هي الذات والصفات والأفعال " إن الله خلق آدم على صورته ". وليست صورته سوى الحضرة الإلهية . فأوجد في هذا المختصر الشريف (92-ب) الذي هو الإنسان الكامل جميع الأسماء الإلهية وحقائق (1) ما خرج عنه في العالم الكبير المنفصل * وجعله روحا للعالم فسخر له العلو والسفل لكمال الصورة (1) . فكما اانه ليس شيء من (2) العالم إلا وهو يسبح بحمده ، كذلك ليس شيء من (2) العالم إلا وهو مسخر لهذا الإنسان لما تعطيه حقيقة صورته . فقال تعالى "وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعا منه " . فكل ما في العالم تحت تسخير (3).
الإنسان ، علم ذلك من علمه - وهو الإنسان الكامل - وجهل ذلك من جهله ، وهو الإنسان الحيوان . فكانت صورة إلقاء موسى في التابوت ، وإلقاء التابوت في اليم صورة هلاك، وفي الباطن كانت نجاة له من القتل . فحيي كما تحيا النفوس بالعلم من موت الجهل ، كما قال تعالى "أو من كان ميتا " يعني بالجهل فأحييناه" يعني(4) بالعلم، " وجعلنأ له نورأ يمشي به في الناس " وهو الهدى كمن مثله في الظلمات " وهي الضلال "ليس بخارج منها" أي لا يهتدي أبدأ: فإن الأمر (5) في نفسه لا غاية له يوقف (6) عندها . فالهدى هو أن يهتدي الانسان
صفحة ١٩٩