المذكور على تقدير تسليمه لا يجري في غير الفعل والاشكال المورد في المقام لا يختص به كما مر وثانيا أن منع تضمن الفعل للنسبة بعيد عن الاعتبار والوجوه المذكورة في بيانه ضعيفة والجواب عنها أما عن الأول فبأن الذوق والتبادر شاهدان على الدعوى و رافعان للاستبعاد المدعى وأما عن الثاني فبأن النسبة معنى حرفي لا يعقل إلا على جهة واحدة وهي جهة الالية والتبعية في المفهوم فلا يختلف الحال بكونه مدلولا مطابقيا للفظ أو تضمنيا بخلاف المعاني المستقلة بالمفهومية فإنها تصلح لان تلاحظ على وجه الاستقلال كما لو دل عليها بدلالة مطابقية وإن تلاحظ على وجه التبعية كما لو دل عليها بدلالة تضمنية فإن أجزاء المركب إنما تلاحظ بملاحظة المركب تبعا لا مستقلا وأما عن الثالث فبأن المراد بالدلالة ما هو أعم من التضمن والمطابقة فالاسم يستقل بمعناه المطابقي أو التضمني و الفعل يستقل بمعناه التضمني فقط والحرف لا يستقل بشئ منهما أما بالمعنى المطابقي فظاهر وأما بالمعنى التضمني فلان جز معناه إن كان من ذاتياته فلا ريب في عدم استقلاله بالمفهومية لان الفرد إذا كان موجودا بوجود الالية والتبعية كانت ذاتياته موجودة بذلك الوجود لا محالة وإن لم يكن من ذاتياته فلا بد وأن لا يستقل بالمفهومية وإلا لم يكن المركب معنى حرفيا وحينئذ فلا إشكال وقد تعتبر الدلالة في الاسم والحرف بطريق المطابقة على ما هو المتبادر منها وفي الفعل بطريق التضمن بالنسبة إلى الحدث وهذا مع عدم مساعدة الحد المعروف عليه غير مستقيم في الأسماء لان منها ما يتضمن معنى حرفيا كأسماء الإشارة والضمائر والموصولات و الأسماء اللازمة للإضافة بناء على أن منشأ لزومها للإضافة تضمنها نسبة الإضافة الخامس أن للفعل معنى مطابقيا تفصيليا هو الحدث و الزمان والنسبة إلى فاعل معين في القصد ومعنى مطابقيا إجماليا وهو الذي لاحظه الواضع عند الوضع أعني الحدث والزمان والنسبة إلى فاعل معين عند المستعمل والفعل إنما يحتاج إلى ذكر الفاعل و تعيينه في الدلالة على معناه المطابقي بالنسبة إلى الاعتبار الأول دون الثاني فدلالته على جزئه أعني الحدث عند عدم ذكر الفاعل إنما هي بالنسبة إلى معناه المطابقي الاجمالي فلا محذور وهذا الجواب قريب من التحقيق إلا أنه يقتضي أن يكون مدلول الفعل عند عدم ذكر الفاعل إجماليا لا تفصيليا ولا يخلو من تعسف فإن المفهوم من الفعل على تقدير ذكر الفاعل وعدمه إنما هو معنى واحد لا يختلف أصلا كما يشهد به النظر الصحيح ولولا ذلك للزم الانتقال إلى معنى الفعل الذي تعقبه ذكر الفاعل مرتين تارة إجمالا وأخرى تفصيلا والوجدان السليم يكذبه بل التحقيق عندي في الجواب أن يقال تصور النسبة إنما يستدعي تصور طرفيها ولو بالوجه فيكفي في تصور النسبة الاسنادية التي تضمنها الفعل تصور المسند إليه ولو بالوجه كتصوره بعنوان كونه فاعلا معينا في نظر المستعمل ولا خفاء في أن تصور مدلول الفعل لا ينفك عن تصور الفاعل ولو بهذا الوجه وظاهر أنه لا حاجة في تصوره كذلك إلى سبق الذكر فلا يلزم تحقق التضمن بدون المطابقة وعلى هذا فالفعل بدون الفاعل يدل على معناه التفصيلي وبهذين الوجهين يندفع الاشكال الذي أوردناه في البواقي أيضا و كذلك يندفع أيضا إشكال يمكن إيراده في الحرف تقريره أن الحروف على ما يساعد عليه التحقيق غير مستقلة بالمفهوم لأنها موضوعة لمعان آلية ملحوظ بها حال غيرها من متعلقاتها فيمتنع تجردها في التصور عن تصور متعلقاتها مع أنا نجد أنها إذا أطلقت مجردة دلت على معانيها ضرورة أن من يدل على الابتداء باعتبار كونه آلة لملاحظة حال غيره وإلى يدل على الانتهاء كذلك إلى غير ذلك وتقرير الدفع على الوجه الأول أن وضعها على الوجه المذكور إنما تنافي دلالتها عند التجرد على معانيها التفصيلية دون الاجمالية كيف والواضع إنما وضعها بإزاء المعاني التفصيلية بملاحظة تلك المعاني الاجمالية وظاهر أن دلالتها على معانيها الاجمالية أيضا بالمطابقة فإن قلت كيف يدل اللفظ بحسب وضع واحد على معنيين بالمطابقة قلت لا تغاير بين المعنيين بحسب الحقيقة بل بمجرد اعتبار الاجمال والتفصيل وعلى الوجه الثاني أن تصور تلك المعاني إنما تستدعي تصور متعلقاتها ولو بالوجه وهو لا يتوقف على سبق ذكرها كما سبق تنبيه، قد اشتهر بين أهل العلم أن التضمن يتبع المطابقة وحمله بعضهم على ظاهره من أن الانتقال إلى الجز بعد الانتقال إلى الكل واعترض عليه بأن فهم الجز سابق هذا مبني على حمل السبق على السبق الزماني كما هو الظاهر منه في المقام واعلم أن الجز مقدم على الكل طبعا وهو لا يستلزم سبق تصوره على تصور الكل منه على فهم الكل فالانتقال إلى المعنى المطابقي بعد الانتقال إلى المعنى التضمني لا قبله وضعفه ظاهر لان تصور الكل إنما يستلزم سبق تصور الاجزاء إذا كان تصور تفصيليا وظاهر أنه غير معتبر في المطابقة وأما سبق تصورها على تصوره تفصيلا فليس من الدلالة الوضعية لعدم استناده بهذا الاعتبار إلى الوضع وإن استند إليه باعتبار سبق الاجمال وذهب جماعة من المحققين إلى أن التضمن فهم الجز في ضمن الكل فالدلالتان متحدتان ذاتا متغايرتان بحسب الاعتبار و الإضافة وحملوا التبعية على التبعية لما هو المقصود من الوضع أعني الدلالة على المجموع من حيث المجموع ويمكن أن يجعل التبعية في الدلالة بحسب الاعتبار وفيه نظر لأنه ينتقض حصر الأقسام حينئذ بدلالة اللفظ على الجز بعد دلالته على الكل ولو بضميمة قرينة فأنها داخلة في الدلالة اللفظية الوضعية قطعا على ما فسروها به مع أنها ليست بأحد أقسامها فالتحقيق أن يحمل التضمن على ما يعم القسمين ليستقيم الحصر أو يقتصر على الوجه الأول لان التضمن بالمعنى الذي ذكروه داخل في المطابقة ولا يلزم حصر المقسم في التقسيم بجميع اعتباراته ثم المشهور أن العبرة في الالتزامية باللزوم وعدم الانفكاك في الجملة وقيل بل يعتبر اللزوم الذهني وهو مبني على تفسير الدلالة بأنها كون اللفظ بحيث كلما أطلق عند العالم بالوضع فهم منه المعنى وأشكلوا عليه بلزوم خروج دلالة معظم أقسام المجاز منها لانتفاء اللزوم بالمعنى المذكور
صفحة ٢٠