152

فصول في الدعوة والإصلاح

الناشر

دار المنارة للنشر والتوزيع

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م

مكان النشر

جدة - المملكة العربية السعودية

تصانيف

أصول التدريس الحديث!
وكان معنا مرة معلم لغة فرنسية على المذهب الحديث الذي يعنى بشرح اللغة عمليًا، فإذا كان في الدرس اسم قلم أرَيْتَ التلاميذ القلم بيدك، وإن كان فيه اسم قط جئت لهم بقط، وإن كان حمار أدخلت إلى الصف حمارًا ... وكان عند هذا المعلم درس فيه ذكر الديك، فماذا يصنع؟ يأتي بالديك طبعًا. فاشتراه وصحب حمّالًا يحمله إلى المدرسة، ووضعه على منصة المدرس ليشرح للطلاب معناه كلمة «ديك». ولكن الديك لم يكن مهذبًا ولم ينتبه لشروح المعلم، بل وثب على رؤوس التلاميذ، فقام التلاميذ من كل صوب ليقبضوا عليه، فدخل تحت المقاعد، فقلبوا المقاعد، فخرج من الشبّاك، فلحقوه، وقامت قيامة المدرسة!
هذا ما شهدتُ من أصول التدريس الحديث!
أما القديم فأشهده دائمًا في كثير من المدارس الدينية: يأتي المدرّس (الشيخ) إلى الصف متأخرًا على الغالب لأن ساعته تأخرت أو توقفت، أو لأن صديقًا له زاره، أو لأن رجلًا ثقيلًا استوقفه في الطريق فاستفتاه في أمر ... أو يأتي بعد غياب أيام كان فيها مريضًا أو متوهّمًا أنه مريض، أو كان مدعوًَّا إلى وليمة أو حفلة زفاف في إحدى القرى، أو كان يستقبل ضيوفًا أو يودع مسافرين ... فيجلس على كرسيه والتلاميذ بين قائم وقاعد ونائم، فيمضي دقائق قد تطول وقد تقصر في الاعتذار عن تأخره أو غيابه، ويخوض في حديث أو حديثين على الهامش، ثم يبدأ الدرس فيقرأ التلميذ (المُعيد) بابًا من أبواب الكتاب والمعلّم

1 / 167