ثم أحياهم فعادوا (1) إلى معاملة قومهم ومبايعتهم، وأنفذوا إليهم بورقهم ليبتاعوا منهم أحل الطعام وأطيبه وأزكاه بحسب ما تضمن القرآن من شرح قصتهم (2)، مع استتار أمرهم عن قومهم وطول غيبتهم عنهم وخفاء أمرهم عليهم.
وليس في عادتنا (3) مثل ذلك ولا عرفناه، ولولا أن القرآن جاء بذكر هؤلاء القوم وخبرهم وما ذكرناه من حالهم لتسرعت الناصبة إلا إنكار ذلك كما يتسرع إلى إنكاره الملحدون والزنادقة والدهريون ويحيلون صحة الخبر به وقد تقول: لن يكون (4) في المقدور.
وقد كان من أمر صاحب الحمار الذي نزل بذكر قصته القرآن (5)، وأهل الكتاب يزعمون أنه نبي الله تعالى، وقد كان مر على قرية وهي خاوية على عروشها فاستبعد عمارتها (6) وعودتها إلى ما كانت عليه ورجوع الموتى منها بعد هلاكهم بالوفاة، ف (قال أنى يحيى هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه) وبقي طعامه وشرابه بحاله (7) لم يغيره تغيير طبائع (8) الزمان كل طعام وشراب عن حاله، فجرت بذلك العادة في طعام صاحب الحمار وشرابه، وبقي حماره قائما في مكانه لم ينفق (9) ولم يتغير عن
صفحة ٨٦