بل إن ذلك النفوذ امتد أيضا إلى بلاد منغوليا في أواسط آسيا؛ حيث عثر في أطلال مدينة كانت عامرة في العصور الوسطى على جلد كتاب ينسب إلى القرن السابع الهجري (الثالث عشر الميلادي) وعليه زخارف من إطار ذي فروع نباتية عربية، وفي وسطه جامة أو صرة من جدايل، وفي كل من الأركان الأربعة ربع جامة.
ومهما يكن من الأمر فقد استخدم الإيرانيون في التجليد طريقة الدق؛ أي الضغط، كما استخدموا أيضا التخريم والدهان والتلبيس بالقماش. وكانوا أحيانا يقطعون الجلد بالرسم المخصوص الذي يريدونه، ثم يلصقونه على القماش الملون، ويذهبون الخطوط والرسوم بعد ذلك. واستخدموا في بعض الأحيان طريقة قوامها طبقتان من الجلد تلصق إحداهما فوق الأخرى بعد أن تخرق الموضوعات الزخرفية المطلوبة في الطبقة العليا.
وقد عرف المسلمون التجليد في إيران وغيرها من الأقاليم الإسلامية في القرون الأولى بعد الهجرة، وذكر ابن النديم في كتابه الفهرست أسماء بعض المجلدين كابن أبي الحريش الذي كان يجلد في خزانة الحكمة للمأمون، ولكن أقدم ما نعرفه من جلود الكتب الإيرانية يرجع إلى نهاية القرن السابع الهجري (الثالث عشر الميلادي) وإلى القرن الثامن (الرابع عشر الميلادي). أما الذي يرجع إلى القرن السابع فجزء من جلد كتاب عثر عليه الأستاذ بوب
A. U. Pope
بالمسجد الجامع في نايين، وفي وسطه زخرفة من أشكال هندسية صليبية الشكل، بينما وصلنا من القرن الثامن (الرابع عشر الميلادي) عدد قليل من الجلود محفوظة بمتحف الفنون الإسلامية والتركية في إستانبول.
2
وأعظمها شأنا جلد مصحف للسلطان الجايتو سنة 710ه/1310م وجلد مخطوط من تبريز وتاريخه سنة 735ه/1334م، وكل هذه الجلود ذات زخارف هندسية وجامات وإطار من الخطوط المتشابكة.
وقد قيل إن تيمورلنك في نهاية القرن الثامن الهجري (الرابع عشر الميلادي) استقدم إلى بلاطه مهرة المجلدين في مصر والشام.
3
وهكذا نرى أن الزعامة في هذه الصناعة ظلت إلى عصر تيمور معقودة لهذين البلدين.
صفحة غير معروفة