والصور التي رسمت في نهاية القرن الثامن الهجري (الرابع عشر الميلادي) تحمل أهم الزخارف والأساليب الفنية التي صارت في القرن التالي من أخص مميزات التصوير الإيراني في مدرسة هراة. وأهم هذه الأساليب الفنية مناظر الزهور والحدائق وآثار فصل الربيع، ثم الألوان الساطعة التي لا يكسر من حدتها أي تدرج، والمناظر الطبيعية ذات الجبال والتلال المرسومة على شكل الإسفنج. وفضلا عن ذلك فقد استطاع الفنانون الوصول إلى إيجاد نسب معقولة بين الأشخاص في الصورة وما يحيط بهم من عمائر ومناظر.
وجدير بنا أن نشير هنا إلى أن الفرق بين منتجات المدرستين التيموريتين الرئيسيتين، مدرسة هراة ومدرسة شيراز، لا يزال غير واضح، ولكننا نستطيع أن نقول - على وجه عام - إن مدرسة شيراز أكثر اتصالا بالعصر السابق من مدرسة هراة، وإن التطور في هذه المدرسة الأخيرة أعظم وأبين.
ومن أشهر المخطوطات التي تنسب إلى مدرسة شيراز شاهنامه في إستانبول مؤرخة من سنة 772ه/1370م، وأخرى في دار الكتب المصرية كتبت سنة 769ه/1393م. ونرى في صور هذين المخطوطين بعض التنويع في رسم المناظر الطبيعية، ولكن الألوان فاتحة وبراقة وغير منسجمة.
ومن أعظم هذه المخطوطات شأنا مجموعة من الشعر محفوظة في متحف الفن التركي والإسلامي بإستانبول ومؤرخة سنة 801ه/1398،
24
وفيها اثنتا عشرة صورة تمثل مناظر طبيعية من أشجار وزهور وأنهار وتلال وطيور بدون أي رسم آدمي؛ مما دعا إلى القول بأن هذا الفنان إنما صور المثل العليا في نظرية الخليقة عند المزدكية ، وأنه ربما كان من أتباع هذا المذهب. ولسنا في حاجة إلى القول بأن رسم مثل هذه المناظر الطبيعية لا يتعارض مع الإسلام في شيء.
وفي مجموعة جلينكيان مخطوط من مجموعة شعرية كتبت سنة 813ه/1810م لإسكندر سلطان حاكم شيراز وابن شاه رخ،
25
ويمتاز هذا المخطوط بأن فيه - عدا المتن - حاشية ذات أركان زخرفية جميلة، أما كاتبه فهو محمود مرتضى الحسيني الذي كتب مخطوطا آخر من مجموعة شعرية، محفوظا الآن في القسم الإسلامي من متاحف الدولة في برلين، ومؤرخا من سنة 823ه/1420م، وقد صنع لمكتبة الأمير بايسنقر،
26
صفحة غير معروفة