11
على أن أبدع الزخارف الجصية في العمائر الإيرانية الإسلامية ترجع إلى القرن الثامن الهجري (الرابع عشر الميلادي) حين كانت المحاريب في كثير من المساجد تصنع من الجص ذي الزخارف الدقيقة التي تزيدها العناصر الكتابية بهجة ورونقا.
ومن أعظم هذه المحاريب شأنا محراب الجايتو من المسجد الجامع بأصفهان، وهو مؤرخ من سنة 710ه/1310م وعليه اسم صانعه «بدر».
وكان الفنانون الإيرانيون يحفرون الرسوم في الجص ولا يطبعونها بالقوالب، كما كان يفعل الصناع في الأندلس وفي بعض الأنحاء الإسلامية الأخرى؛ ولذا خلت الزخارف الجصية الإيرانية من الروح الآلية المملة التي تسود الزخارف المطبوعة في أكثر الأحيان.
أما الموضوعات الزخرفية التي اتخذت في الجص فمختلفة الأنواع، بعضها وريقات وفروع نباتية، وبعضها رسوم هندسية صغيرة مثل المثلث والمثمن والنجمة والمعين والدائرة الصغيرة، وبعضها أشرطة من الكتابة الكوفية. ومن أغنى العمائر الإيرانية بالرسوم الجصية مسجد حيدرية في قزوين، وضريح علويان في همذان، والمسجد الجامع بأصفهان، وضريح علي بن جعفر في مدينة قم.
وقد وصل الصناع الفنانون في إيران بين القرنين العاشر والثاني عشر بعد الهجرة (السادس عشر والثامن عشر بعد الميلاد) إلى استخدام الزخارف الجصية في القصور والبيوت، وإلى تلوينها في دقة وتنوع؛ فأصبحت تشبه رسوم الصور والصفحات المذهبة في المخطوطات التي تنسب إلى ذلك العصر. (3-8) الزخارف القاشانية
هي في الحق أبدع ما وصل إليه الإيرانيون في تزيين العمائر؛ فإننا لا نستطيع أن نتصور العمائر الإيرانية بدون لوحات القاشاني التي تكسوها فتكسبها طابعا خاصا ونضارة غريبة.
ومن أجمل ما نعرفه من الكسوة القاشانية في العصر الإسلامي بإيران قوالب صغيرة من الخزف الأزرق في المسجد الجامع بمدينة قزوين في بداية القرن السادس الهجري
12 (الثاني عشر الميلادي)، ولم تلبث هذه الصناعة أن ازدهرت في نهاية هذا القرن على نحو ما نرى في قبر مؤمنة خاتون بمدينة نخجوان، ويرجع إلى سنة 582ه/1186م.
وقد عرف الإيرانيون أنواعا من كسوة الجدران، منها النجوم البسيطة ذات اللون الواحد أو اللونين، ومنها القطع الصليبية الشكل، ويغلب عليها اللونان الأزرق الفيروزي الفاتح أو اللازوردي الغامق، على أنهم اتخذوا أيضا نجوما وقطعا صليبية مزينة بالرسوم الآدمية والحيوانية والنباتية الدقيقة، يزيدها البريق المعدني جمالا وبهجة.
صفحة غير معروفة