الفنون الإيرانية في العصر الإسلامي

زكي محمد حسن ت. 1376 هجري
138

الفنون الإيرانية في العصر الإسلامي

تصانيف

أما أصفهان عاصمة الدولة في عصر الشاه عباس فقد كان فيها ألوف النساجين، لا ينقطعون عن العمل لإنتاج الكميات الهائلة من الخلع الثمينة التي كانت لازمة للبلاط، أو للهدايا التي يقدمها الشاه. كما أفادت باعتبارها عاصمة البلاد من وجود أعلام المصورين والرسامين الذين كانوا خير عون ومثال للفنانين في صناعة النسج. ولا ريب في أن أصفهان أنتجت شتى أنواع المنسوجات النفيسة، ولكن الظاهر أن النساجين فيها أتقنوا بنوع خاص صناعة الأقمشة ذات الزخارف النباتية الجميلة.

وكذلك مدينة قاشان لم يعد إنتاجها الفني موجها إلى الخزف فحسب، بل أصبحت مركزا عظيما للنسج منذ القرن العاشر الهجري (السادس عشر الميلادي)، ولكن المخمل الذي كان ينسج في أنوالها إبان القرن الحادي عشر الهجري بلغ كمية هائلة أثرت في جودة الصناعة إلى حد ما.

أما مدينة مشهد فقد ظهر أنها أيضا من المراكز التي كانت تنسج فيها الأقمشة الفاخرة، وثمة قطعة عليها كتابة تفيد أنها صنعت في تلك المدينة على يد فنان اسمه محمد بن عمر سنة 1065ه/1654م،

35

كما ذكرت منسوجات مشهد في سجلات الجمارك الروسية القديمة.

والواقع أن صناعة النسج ازدهرت في عصر الأسرة الصفوية ازدهارا عجيبا، واستطاع النساجون أن ينتجوا من الحرير ضروبا شتى تختلف في نوعها وفي وزنها وفي سمكها، وقد تدخل في نسجها الخيوط الذهبية فتكسبها بريقا وأبهة عجيبين. (6) في القرن الثاني عشر الهجري

كان الإنتاج عظيما في بداية القرن الثاني عشر الهجري (الثامن عشر الميلادي)، ولكن الأزمة الاقتصادية طغت على البلاد بعد الفتح الأفغاني وقنع القوم بالرخيص من الأقمشة، ولا سيما المنسوجات المطبوعة المعروفة باسم «قلم كار»، وكانت تصنع بمدينة قاشان في القرن الحادي عشر الهجري، وازدهرت صناعتها بعد ذلك في الهند وفي مدينة أصفهان، وأصبحت في القرن الماضي من أهم صادرات الشرق إلى أوروبا ولا سيما من أصفهان وهمذان ويزد.

ومهما يكن من الأمر فقد انحط نوع النسيج، كما قلت جودة المواد والصبغات المستخدمة فيه. والراجح أن أكبر مراكز النسج في هذا العصر كانت في يزد وقاشان وأصفهان وإبيانه وشرقي إيران.

وكانت يزد تنتج الحرير الأخضر ذا الزخارف المكونة من الزهور والأشجار، وأصاب النساجون في قاشان بعض التوفيق في صناعة الأقمشة ذات الزخارف الآدمية، وظل زملاؤهم في أصفهان يقبلون على رسوم الزهور في منسوجاتهم. •••

ولا يفوتنا أن التطريز معروف في إيران منذ العصور القديمة، وقد أشار الرحالة الإيراني ناصر خسرو إلى شارع في أصفهان اسمه شارع الطرازين نسبة إلى التجار الذين كانوا يسكنونه، كما أن الرحالة البندقي ماركو بولو ذكر مهارة السيدات بمدينة كرمان في تطريز المنسوجات الحريرية برسوم الطيور والحيوان والأشجار والزهور. وقد شهد بعض الرحالة الأوروبيين بين القرنين التاسع والحادي عشر بعد الهجرة (الخامس عشر والسابع عشر بعد الميلاد) ما يؤيد قول ناصر خسرو وماركو بولو عن إبداع المنسوجات الإيرانية المطرزة، وفضلا عن ذلك فإن بعض نماذج الأقمشة المطرزة لا تزال باقية حتى اليوم، وأكثرها يرجع إلى القرنين الماضيين، وأهم أنواعها سراويل النساء، وكانت تصنع من القطن وتطرز فيها بالحرير رسوم الزهور، وما إلى ذلك من الزخارف النباتية.

صفحة غير معروفة