وقد اشتهرت قاشان على الخصوص بصناعة اللوحات ذات البريق المعدني من مختلف الأحجام والأشكال، فمنها النجمية والصليبية الشكل وذات الأضلاع المتعددة. وكانت في البداية ملساء ذات زخارف منقوشة فحسب، ولكن بعضها أصبح منذ نهاية القرن السابع الهجري (الثالث عشر الميلادي) ذا زخارف بارزة قليلا. ومهما يكن من الأمر فإنا نجد على هذه اللوحات زخارف مختلفة بين رسوم آدمية وحيوانية ونباتية
60 (انظر شكل
106 )، ويظهر فيها كلها التأثر بفن تصوير المخطوطات.
وقد وصلتنا أسماء ثلاثة فنانين ممن اشتغلوا بصناعة تربيعات القاشاني ذي البريق المعدني: وهم أبو زيد أو أبو رفضة وفخر الدين وجمال الدين، وأعظمهم شأنا هو أبو زيد أو أبو رفضة، وقد عمل في بداية القرن السابع الهجري (الثالث عشر الميلادي)، كما يظهر من القطع المؤرخة التي عليها اسمه والتي نرى إحداها في دار الآثار العربية بالقاهرة.
61
وثمة قطع أخرى تشبه هذه القطع الممضاة، حتى لترجح نسبتها إلى هذا الفنان أيضا، ومنها أقدم النجوم المعروفة على الإطلاق، وهي في دار الآثار العربية أيضا، وتاريخها سنة 600ه/1203م، وعليها رسم أربع سيدات فوق أرضية من الزخارف النباتية.
62
ولما زاد تأثر الفنون الإيرانية بالأساليب الفنية الصينية في القرن الثامن الهجري (الرابع عشر الميلادي) استعمل صناع اللوحات الخزفية رسوم الحيوانات الخرافية الصينية كالتنين والعنقاء، كما يتجلى في قطعتين جميلتين من مجموعة الدكتور علي باشا إبراهيم، معروضتين الآن في دار الآثار العربية.
ولكن صناعة تلك التربيعات القاشانية بدأت في الاضمحلال منذ نهاية القرن الثامن الهجري (الرابع عشر الميلادي)؛ فساء نوع البريق المعدني والزخارف النباتية التي كانت أرضية للرسم الرئيسي. ولعل ذلك ناشئ من الإقبال على صناعة الفسيفساء الخزفية التي كانت أقل نفقة وأكثر ملاءمة لتغطية المساحات الواسعة.
وأكبر الظن أن نشاط الخزفيين في قاشان لم يكن وقفا على المحاريب والتربيعات القاشانية، بل لقد أنتجوا ضروبا طيبة جدا من الأواني والتحف ذوات البريق المعدني، استعملوا فيها معظم الرسوم التي عرفناها في زخارف المحاريب والتربيعات، حتى ليمكننا في بعض الأحيان أن ننسب بعض هذه التحف أو الأواني إلى الفنانين الذين جاءت أسماؤهم على بعض المحاريب والتربيعات.
صفحة غير معروفة