أصول الإنشاء والخطابة

ابن عاشور ت. 1393 هجري
33

أصول الإنشاء والخطابة

محقق

ياسر بن حامد المطيري

الناشر

مكتبة دار المنهاج للنشر والتوزيع

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٣ هـ

مكان النشر

الرياض - المملكة العربية السعودية

تصانيف

والحُزْن -مثلًا- مثل ما ترى في قول بعضهم: (دمعةٌ أَمْطَرَتْهَا عيني، فَأَعْشَبَ لها قلبي)؛ إذ لا تناسب بين امتلاء القلب حُزْنًا وبين اعْشِيشَابِ الأرض، بل هو بخلاف المقصود أقرب، وكذا قولُ الزمخشري في رثاء شيخه أبي مُضَر: وقائلةٍ ما هَاتِه الدُّرَرُ التي ... تَساقَطُ مِنْ عينيكَ سِمْطَيْنِ سِمْطَين فإنَّ المقامَ ليس مقامَ تشبيهِ دمع الحُزْن بالدُّرَر، وإن كان قصدُه أن يَصِلَ بذلك إلى تشبيه فوائد شيخِه، لكنه جاء بافتتاحٍ تنكرُه النَّفْسُ، خلافَ قول الآخر: فأَمْطَرَتْ لُؤْلُؤًا مِنْ نَرْجِسٍ وَسَقَتْ ... وَرْدًا وَعَضَّتْ عَلَى الْعُنَّابِ بِالبَرَد وعلى هذا قياسُ غيرِه. وأما تنسيق المعاني وتهذيبها: فهو تنقيحُها عن كلِّ ما يَعْلَقُ بها مما يكون غريبًا عنها، ولا مناسبةَ له بها من خطأٍ أو صواب. وأظهرُ مواقع الحاجة إليه مقاماتُ الاستطراد، ويسمَّى: (الاعتراض) فإن المتكلِّم أو الكاتب أو الخطيب قد تدعوه إلى الاستطراد دواعٍ كثيرة، ليلقي من المعاني التي يرى الداعي لإلقائها موجودًا، ويخشى أن لا يجد لها مناسبةً غير ذكرِها عند نظيرها، وذلك كاستطراد الدعاء في طوالع الرسائل، أو استطراد قِصَّة أو حادثة أو شِعْر في أثناء رسالة أو خطبة، وتلك سُنَّةٌ قديمة شائعة بين الكُتَّاب والخطباء، فيجب أن يكون ذلك الاستطرادُ شديدَ التعلق بالموضوع، إما لثناءٍ أو بيانٍ أو تحسينٍ أو إظهارِ

1 / 76