29

أصول الإنشاء والخطابة

محقق

ياسر بن حامد المطيري

الناشر

مكتبة دار المنهاج للنشر والتوزيع

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٣ هـ

مكان النشر

الرياض - المملكة العربية السعودية

تصانيف

وأمَّا الشُّهْرَة: فهي عِبَارةٌ عن شُيُوع المعنى، حتى لا يكاد يتكلَّف المتكلِّمُ في استحضاره شيئًا من عَمَل الفِكْر، ويسمَّى المعنى بـ (المبتذَل)، ويدعو البليغَ إليه إما تَعيُّنُه، وإما لِكَوْنِ المقامِ مقامَه، كخطاب العَوامِّ والصِّغَار، وينبغي أن تُجَنَّبَ عنه مقاماتُ الإبداع والصَّنْعَة، ولذلك نعيب على ابن الخطيب ﵀ قولَه في وصَيَّتِه البديعة: "والطَّهَارةُ التي هي في تحصيلها سببٌ مُوَصِّل، وشَرْطٌ من شروطِها مُحَصِّل، فاستوفوها، والأعضاءَ نظِّفُوها، ومياهَها بغير أوصافها الحميدة فلا تَصِفُوهَا، والحُجُولَ والغُرَّ فأطيلوها .. إلخ". فإنَّه ما كان مترقَّبًا من مثل ذلك الوزير العالِم أن يضمِّن وصيَّةَ أبنائه الغُرِّ الأنجاب، ما يتعلَّمُه الصِّبيان في أيام الكُتَّاب، خصوصًا في أضيق أوقات الكلام، وأحوجِه إلى الملأ بالمَهَام. ومن العجائب أنَّ ابن الأثير ذكر في (المثل السائر) فصلًا لنفسه من رسالةٍ قال فيها: "وأَقْبَلَتْ ربائِبُ الكِنَاس، في مُخْضَرِّ اللباس، فقيل: إنَّما اخترنَ الخُضْرَة من الألوان، ليَصِحَّ تشبيهُهُنَّ بالأغصان". فَعَدَّ هذا معنًى مبتدَعًا وأُعْجِبَ به مع أنَّه معنًى مبتذَلٌ شائعٌ.

1 / 72