من الهدي النبوي في تربية البنات
الناشر
الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة
رقم الإصدار
السنة (٣٤)
سنة النشر
العدد (١١٧)
تصانيف
الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ﴾ ١.
جَاءَ فِي تَفْسِير هَذِه الْآيَة: بِأَن الكظيم هُوَ الكئيب من الْهم، ويمسكه على هون: أَي يبْقى الْبِنْت مهانة لَا يُورثهَا وَلَا يعتني بهَا ويفضل أَوْلَاده الذُّكُور عَلَيْهَا٢.
فشاء الله أَن يكون النَّبِي مُحَمَّد ﷺ أَبَا لبنات ليَكُون الْقدْوَة للْمُؤْمِنين فِيمَا يَنْبَغِي للْبِنْت من حُقُوق ومكانة لائقة أقرها لَهَا الدّين الإسلامي الحنيف.
فأبوة الرَّسُول –ﷺ لبنَاته حَدثا جَدِيدا فِي حَيَاة الْمَرْأَة، وَفِي هَذَا قَالَ عمر بن الْخطاب – ﵁ –: "وَالله إِن كُنَّا فِي الْجَاهِلِيَّة مَا نعد للنِّسَاء أمرا حَتَّى أنزل الله فِيهِنَّ مَا أنزل وَقسم لَهُنَّ مَا قسم" ٣.
وَمِنْهَا أَيْضا -وَالله أعلم- (حَتَّى يكون النَّبِي –ﷺ بَعيدا عَن تُهْمَة الاستنصار بِالْوَلَدِ، والاعتماد عَلَيْهِ) ٤ كَمَا هِيَ عَادَة الْعَرَب فِي ذَلِك الْوَقْت. بل أَن مَا جَاءَ بِهِ من دين نُشر فِي الأَرْض لِأَنَّهُ هُوَ الْحق وَلَا حق سواهُ، وَالْحق دَائِما أظهر وَأقوى.
وَقد كَانَ الْعَرَبِيّ فِي الْجَاهِلِيَّة يترقب الْأَوْلَاد للوقوف إِلَى جَانِبه ومساندته، والدفاع عَن الْحَوْزَة وحماية الْبَيْضَة، أما الْبِنْت فَكَانَ التخوف من عارها يحملهم على كراهتها٥ حَتَّى بعث الله نَبينَا مُحَمَّد –ﷺ بِالدّينِ الإسلامي خَاتم الْأَدْيَان
_________
١ سُورَة النَّحْل: آيَة ٥٩.
٢ ابْن كثير (تَفْسِير الْقُرْآن الْعَظِيم) دَار الْمعرفَة، بيروت، ط١،١٤٠٦هـ، ج٢،ص٥٩٤
٣ مُتَّفق عَلَيْهِ، أخرجه البُخَارِيّ فِي صَحِيحه (٨/٨٤٩ مَعَ فتح الْبَارِي) كتاب التَّفْسِير بَاب تبتغي مرضاة أَزوَاجك –ح٤٩١٣، وَمُسلم فِي صَحِيحه (٢/١١٠٨) كتاب الطَّلَاق –ح١٤٧٩.
٤ بنت الشاطئ، (تراجم سيدات بَيت النُّبُوَّة)، دَار الْكتاب الْعَرَبِيّ، بيروت، ط٣، ص ٤٨٧، بِتَصَرُّف، ١٤٠٢هـ
٥عطيه مُحَمَّد سَالم (وَصَايَا الرَّسُول ﷺ مكتبة دَار التراث للنشر والتوزيع ص٣٤٧، ط٣،١٤١١هـ.
1 / 394