في الغلظ والصلابة صار عصبا، وما كان في الغذاء مما هو ألين من مادة العصب كان منه اللحم، ويكون الشعر والظفر من الفضول التي تدفعها الطبيعة إلى خارج، فإذا ولد الجنين صار في اللبن من اجزاء الطبائع إلى اشكالها ونظائرها من بدن الجنين، وقال أبقراط انك لو اخذت مثانة وجعلت فيها ماء وترابا ورملا وبرادة الرصاص أو غيره ثم نفخت فيها وتركتها حتى يجف وجدت كل شئ من هذا الأشياء قد انضم إلى شكله وجوهره واجتمع على حياله، وعلى هذا المثال تستحيل كل قوة في الأغذية إلى ما يشاكلها من أعضاء الجنين و أعضاء سائر الحيوان، وتستحيل به كل قوة في غذاء الشجر ولونها و ورقها وثمرها ورائحتها وأنوارها، الباب الثامن في المعدة وحال الأغذية فيها وقوى المزاجات الأربعة ان المعدة تنضج الأغذية بالحرارة وتصيرها مثل الحسو، ثم تجري ذلك إلى الكبد في مجاري دقيقة خفية، ويغيره الكبد إلى لونها الأحمر، ويأخذ منه غذاءها، ويرسل ما صفا واستحكم من الدم إلى القلب، ثم إلى (كل) عضو نصيبه وغذائه، فيصير ما في الأغذية من النارية إلى المرارة وما فيها من كدر وأرضية إلى الطحال وما فيها من المائية إلى الكلية ومنها إلى المثانة ثم إلى الإحليل، وتنشف الكلية ما في تلك المائية من الدسومة، وما بقي في المعدة من أثفال الأغذية تنزل إلي الأمعاء، وتصير فضول الأغذية التي في الأعضاء ألى ظاهر البدن فيكون منها الجلد والشعر والظفر، فالمعدة مثل قدر تحتها نار، فهي تنضج ما فيها، ولكل عضو قوة غريزة فهو يجذب بتلك القوة غذائه ويدفع الفضول عنه، وذلك مثل القوة التي تجذب بها الأشجار غذائها ومثل القوة التي جعلها الله تعالى
صفحة ٤١