ثالثا: مع أننا لا نشكك في إسلام من أسلم وحسن إسلامه من الطلقاء والأعراب والقبائل العربية إلا أن (الولاية في الآخرة) إن صح اللفظ لا تدل على صحة الإسلام مطلقا بمعنى قد تدل وقد لا تدل، فقد ذكر الله عن المؤمنين أن بعضهم أولياء بعض: {نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم}[فصلت: 31] الآية.
وكذا ذكر عن الظالمين فقال: {وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض والله ولي المتقين}[الجاثية:19].
وقال تعالى: { { ويوم يحشرهم جميعا يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس وقال أوليآؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا قال النار مثواكم}[الأنعام:128]، فأثبت لكفار الجن والإنس ولاية في الآخرة لكنها غير ولاية المؤمنين لبعضهم.
إذن فليس كل من حصل على (ولاية الآخرة) كان ناجيا ولا بد لكل الناس من أن يبعثوا يوم القيامة سواء كانوا من الصحابة الشرعيين أو صحابة العامة بما فيهم طلقاء وعتقاء... وهذا أيضا لا يعني تبشيرهم بجنة ولا نار ولا تساويهم ولا أن الطلقاء والعتقاء سيدخلون كلهم النار أو الجنة وإنما كل بعمله فقد يدخل بعض الطلقاء الجنة وبعضهم النار وكذا الأعراب وغيرهم، ويبدو أن المراد بالولاية هنا التجمع والمناصرة والألفة فقد ألف المهاجرون الأنصار بعضهم البعض وألف الطلقاء العتقاء بعضهم البعض؛ لأن إسلامهم كان في وقت واحد تقريبا فهي تجمعات نستفيد منها تحديد أصحاب (الصحبة الخاصة) وأصحاب (الصحبة العامة)، وليس في الحديث حكم على أحد بجنة أو بنار.
صفحة ٥٢