أن أكثر الفنانين المسلمين لم تكن لهم براعة مشهورة في الرسوم الآدمية والحيوانية، ولم يكن دأب الفنان صدق تمثيل الطبيعة، بل كانت له أساليب اصطلاحية ظلت باقية في أرقى عصور الفن، فقل أن نجد عناية بجسم الإنسان ونسب الأعضاء، وقوة التعبير في الوجوه للدلالة على المشاعر المختلفة، اللهم إلا على يد نفر قليل من أعاظم المصورين الذين نبغوا في إيران، والرسوم العارية لا تكاد تكون معروفة في التصوير الإسلامي، وقوانين المنظور مهملة.
2
وقد تبدو الصور الفارسية مملة لتشابهها، واشتراك المصورين في إهمال الظل والضوء، وفي رسم الأشخاص في أوضاع معينة تفقد أكثرها شيئا من الروح والحركة ودقة التعبير، ولكنها مع ذلك لها سحرها وجمالها ؛ لأننا نستطيع أن نقول في ثقة واطمئنان: إن الفنانين المسلمين لم يصوروا الإنسان أو الحيوان، وإنما كانوا يتخذون منهما موضوعات زخرفية. (ز)
كان لكراهية التصوير في الإسلام صداها في المسيحية؛ فقد ثبت أن القائمين بحركة كاسري الصور
iconoclasts
عند المسيحيين في القرن الثامن الميلادي كانوا متأثرين بتعاليم المسلمين في هذا الصدد.
الرسوم الهندسية
عرفت الفنون التي سبقت الإسلام ضروبا كثيرة من الرسوم الهندسية، ولكن هذه الرسوم لم يكن لها في تلك الفنون شأن خطير، وكانت تستخدم في الغالب كإطارات لغيرها من الزخارف. أما في الإسلام فقد أضحت الرسوم الهندسية عنصرا أساسيا من عناصر الزخرفة.
شكل 4-3: صورة حمال على قطعة من صحن خزفي ذي بريق معدني يرجع إلى العصر الفاطمي في القرن الحادي عشر، ومحفوظ الآن بمجموعة صاحب السعادة أراكيل نوبار باشا. والمعروف أن الخزف ذا البريق المعدني من العصر الفاطمي يكون مزينا برسوم آدمية وحيوانية ونباتية جميلة، كما يظهر من المجموعة الثمينة المحفوظة في دار الآثار العربية بالقاهرة، ولكن رسم مثل هذا الحمال نادر جدا في الفنون الإسلامية، بل إننا لا نعرفه إلا على قطعة من صندوق عاجي في مجموعة كران
Carrand
صفحة غير معروفة