كلمة المؤلف
1 - الحضارة الإسلامية
2 - الفن الإسلامي
3 - الطرز أو الأساليب أو المدارس المختلفةفي الفنون الإسلامية
4 - عناصر الزخرفة الإسلامية
5 - بعض خواص الفنون الإسلامية
6 - بعض مميزات العمائر الإسلامية
7 - أثر الفنون الإسلامية في فنون الغرب1
كلمة المؤلف
1 - الحضارة الإسلامية
2 - الفن الإسلامي
3 - الطرز أو الأساليب أو المدارس المختلفةفي الفنون الإسلامية
4 - عناصر الزخرفة الإسلامية
5 - بعض خواص الفنون الإسلامية
6 - بعض مميزات العمائر الإسلامية
7 - أثر الفنون الإسلامية في فنون الغرب1
في الفنون الإسلامية
في الفنون الإسلامية
تأليف
زكي محمد حسن
كلمة المؤلف
شرفني اتحاد أساتذة الرسم بدعوتي لإلقاء حديث عن الفنون الإسلامية على حضرات أعضائه ومن يلبي دعوتهم من المهتمين بالفنون والآثار، ثم تفضل الأستاذ الجليل زاهر بك، رئيس الاتحاد، فعرض علي أن يقوم الاتحاد بطبع هذا الحديث. وإني أحرص - في الوقت الذي أجيب فيه هذا الطلب - على أن أبين أن الوقت الذي خصص لهذا الحديث وثقافة الفنانين الذين أعد لهم، كل ذلك جعلني أنحو فيه نحوا خاصا، فاخترت بعض مسائل الفنون الإسلامية وميزاتها، وتكلمت عنها بشيء من الإفاضة، بينما لم أعرض لكثير من المسائل الأخرى، فأستميح القراء عذرا، وأرجو أن تكون قراءة هذا الحديث دافعا لهم على قراءة الكتب المطولة في الفنون والآثار الإسلامية، وعلى زيارة دار الآثار العربية، ودراسة ما فيها من المعروضات النفيسة.
ولا يسعني في ختام هذه الكلمة إلا أن أتقدم بوافر الشكر إلى صاحب العزة أحمد شفيق زاهر بك، رئيس الاتحاد، وإلى حضرات الأعضاء الأفاضل؛ لحسن ثقتهم بي، وللجهود التي يبذلونها في نشر الثقافة الفنية.
زكي حسن
دار الآثار العربية في 14 /4 /1938
الفصل الأول
الحضارة الإسلامية
ظل الناس حينا من الدهر يطلقون اسم «الحضارة العربية» على المدنية التي ازدهرت في ربوع الأمم الإسلامية، ولكن كثيرين من العلماء يبالغون بعض الشيء فيرون أن هذه الحضارة لا تصح نسبتها إلى العرب؛ لأنها لم تقم على أكتافهم، فهي تمثل عصبة الأمم الإسلامية كلها، وقد كان من بين هذه الأمم عرب وفرس وترك وبربر وهنود وصقالبة، فجمعهم العرب وطبعوهم بطابع الدين الإسلامي الجديد، وفرضوا عليهم حروفهم الأبجدية، بل نجحوا في أن يفرضوا على أغلبهم اللغة العربية نفسها، حتى قامت هذه اللغة بين الأمم الإسلامية مقام اللغة اللاتينية بين الأمم المسيحية في العصور الوسطى.
1
ويقول هؤلاء العلماء تأييدا لرأيهم هذا إن المشاهد في تاريخ الأمم الإسلامية أن أكثر رجال العلم والأدب والفن كانوا من الفرس
2
أو السوريين أو المصريين الذين اعتنقوا الإسلام أو ظلوا على أديانهم القديمة، ولكنهم ازدهروا تحت لواء الإسلام، واشتغلوا للمسلمين الفاتحين. فهذه المدنية إذن مدنية إسلامية، ولكنها ليست عربية خالصة، وهي على كل حال الحلقة الأخيرة في تطور مدنية الشرق الأدنى التي نمت وترعرعت بين الفرس والبابليين والآشوريين والفينيقيين والآراميين والمصريين واليهود.
وقد يكون في الأخذ بهذه النظرية ظلم للعرب واستهانة بتراثهم في بعض ميادين الحضارة، فقد كان للعرب شعر وأدب ونظم اجتماعية، ولكننا لا نستطيع الشك في أنها نظرية صحيحة في ناحية خطيرة الشأن من نواحي المدنية، وهي ناحية الفنون.
فالمعروف أن العرب لم يكن لديهم قبل الفتوحات الإسلامية عمارة وفنون صناعية يمكن مقارنتها في الرقي والتقدم بفنون الأمم المتحضرة التي كانت تحيط ببلادهم، وليس هذا بضائرهم أبدا؛ فالأمم كالأفراد لا تستطيع أن تحيط بكل شيء، وحسب العرب فخرا ما قاموا به من فتوحات عظيمة وما خلفوه من تراث جليل.
الفصل الثاني
الفن الإسلامي
فلما فتح العرب العراق وإيران والشام ومصر وشمالي أفريقيا والأندلس؛ نما في أنحاء الإمبراطورية فن ليس من الإنصاف أن نسميه فنا عربيا
Arab Art ؛ لأن نصيب العرب فيه كان أقل من نصيب غيرهم من الأمم الإسلامية.
وقد كان الأوروبيون يسمونه أحيانا
Art Saracenic
من كلمة
Saracens
التي لا نجد لها مرادفا في اللغة العربية، وهي لفظ من أصل يوناني
Saraceni
كان الإغريق يطلقونه قديما على سكان القبائل البدوية التي كانت تقطن غربي نهر الفرات، ويظن أنه مشتق من كلمتي «شرق» و«شرقيين»، ثم اتسع مدلول هذا اللفظ حتى شمل سكان شبه الجزيرة العربية عامة، وزاد استعماله في عصر الحروب الصليبية، فغلب على سكان الشرق الأدنى من المسلمين الذين كانوا يقاتلون الصليبيين. وإذا أردنا ترجمة هذا اللفظ إلى العربية لما وجدنا لتأدية معناه إلا «العرب» أو «الشرقيين».
وهكذا نرى أن لفظ
Art Saracenic
لا يصح أن يشمل في العرف الأوروبي إلا الفنون التي ازدهرت في بلاد العرب والعراق والشام، وربما في مصر أيضا، ولكننا لا نستطيع أن نطلقه في ثقة واطمئنان على الفنون الإسلامية في الأندلس وإيران وتركيا والهند.
وكذلك كان الأوروبيون يطلقون على الفن الإسلامي أحيانا اسم
Moorish art
والمعروف أن كلمة
Moors
بالإنجليزية جاءت من
Moro
بالإسبانية - وهذه ترجع إلى كلمة
Mauri
التي كان الرومان يطلقونها على سكان شمال غربي أفريقيا، وقد كانوا يسمونها
Mauretania - وأصبح لفظ
Moors
يطلق على المسلمين في شمالي أفريقيا وفي الأندلس. فالفن المغربي أو
Moorish art
هو الفن الإسلامي في إسبانيا وفي تونس والجزائر ومراكش دون غيرها من الأقطار الإسلامية.
وصفوة القول أن «الفن العربي
Arab art » أو «الفن الشرقي
Saracenic art » أو «الفن المغربي
Moorish art » كلها أسماء ليست جامعة، ولا شك في أن أفضل اسم للفنون التي ازدهرت في العالم الإسلامي هو «الفنون الإسلامية»؛ لأن الإسلام كان حلقة الاتصال بينها، ولأنه جمع شتاتها وجعلها وحدة متميزة على الرغم من تباين أصولها.
الفصل الثالث
الطرز أو الأساليب أو المدارس المختلفةفي الفنون الإسلامية
ومهما يكن من شيء، فإن الصناعات والمهن الحرة ظلت في أيدي أهل البلاد التي فتحها العرب، وتطورت الأساليب الفنية في كل إقليم من الأقاليم المفتوحة تطورا خاضعا فيه لكثير من القواعد التي فرضها عليها العرب الفاتحون، ونشأ من امتزاج العرب بأهل البلاد التي أخضعوها لسلطانهم فنون متشابهة في جملتها، متباينة في جزئياتها.
ومن ثم فإننا نستطيع، بوجه عام، أن نقول: إن الفن الإسلامي في القرون الثلاثة الأولى بعد الهجرة كان يسوده طراز أموي أولا، ثم طراز عباسي بعد سقوط بني أمية سنة 750م، ولما ضعفت الدولة العباسية في القرن الثالث الهجري (التاسع الميلادي)، وخلفتهما دويلات وإمارات مستقلة في الأقاليم الإسلامية المختلفة، قامت على أنقاض الطراز العباسي أساليب فنية محلية يمكن تمييز كل منها، ولا سيما في ميدان العمارة؛ لأن منتجات الفنون الفرعية (أو الصناعية أو التطبيقية
Minor arts ) كان من السهل نقلها من إقليم إلى آخر ، والتأثر بالأساليب الفنية فيها.
إذن فقد كان الفن الإسلامي بعد سقوط العباسيين يشتمل على طراز إسباني مغربي قام في شمالي إفريقية والأندلس، وعلى طراز مصري سوري قام في وادي النيل وفي سورية،
1
كما كان يشتمل على طراز فارسي في إيران، وطراز عثماني في الإمبراطورية العثمانية، وطراز هندي في الهند الإسلامية، وكان أيضا وثيق الصلة بفن صقلي نورمندي في جزيرة صقلية، وبفنون المدجنين والمستعربين، وهي الفنون التي قامت في إسبانيا بعد زوال سلطان المسلمين عنها. ويجدر بنا الآن أن نشير في إيجاز إلى كل طراز من هذه الطرز المختلفة في الفنون الإسلامية.
الطراز الأموي
كان استيلاء الأمويين على الخلافة وانتقال عاصمة الدولة الإسلامية من المدينة إلى دمشق خاتمة لعصر الخلفاء الراشدين، الذي غلب فيه على المسلمين تجنب البذخ والترف. وبدأ الأمويون يفكرون في تشييد مساجد توازي في العظمة كنائس المسيحيين، ويتخذون تحفا فنية تتفق وعظمة ملكهم الجديد، وكان جل اعتماد الأمويين في بداية الأمر على عمال وفنانين من البيزنطيين والسوريين المسيحيين تتلمذ عليهم العرب، ونشأ على يد الجميع الطراز الأموي في الفن الإسلامي، ونقل القواد والحكام وأتباعهم أصول هذا الطراز إلى سائر الأقاليم الإسلامية، وثبتت هذه الأصول في الأندلس، حتى إن سقوط الدولة الأموية في الشرق لم يكن له صداه في الأساليب الفنية الإسلامية بإسبانيا، ولا سيما أن هذا الإقليم الإسلامي خرج عن الدولة العباسية، ونشأت فيه دولة أموية غربية كان لها طراز أموي غربي احتفظ بكل الأساليب الفنية في الطراز الأموي الشرقي.
2
وأهم الأبنية التي تنسب إلى الأمويين قبة الصخرة التي تقع في وسط الحرم الشريف ببيت المقدس، ثم الجامع الأموي بدمشق وبعض قصور بناها الخلفاء في بادية الشام؛ كقصير عمرى، وقصر المشتى، وقصر الطوبة.
أما قبة الصخرة فيطلق عليها في بعض الأحيان اسم جامع عمر؛ لأن عمر بن الخطاب كان قد أقام في موضعها مصلى من الخشب، ثم شيد عبد الملك بن مروان على أنقاضه البناء الحالي سنة 690، وهو على شكل مثمن فوقه قبة عالية تغطيها فسيفساء عليها زخارف باللونين الأخضر والذهبي ، والقبة محمولة على دائرة من أعمدة ضخمة من الرخام الأخضر، وذات تيجان مذهبة، وقد عني عبد الملك بقبة الصخرة عناية زائدة؛ لأنه أراد أن يحول الحج من مكة إليها حين كانت الكعبة في يد منافسه عبد الله بن الزبير. وعلماء الآثار متفقون في أن عمارة هذا البناء مأخوذة من عمارة الكنائس المسيحية البيزنطية، بيد أننا نلاحظ أن هذا الشكل المثمن لم يتكرر في تصميم الجوامع الإسلامية؛ لأنه كان ملائما كل الملاءمة ليحيط بالصخرة المقدسة في الحرم الشريف؛ ولكن تصميم الكنائس المعروفة بالباسيليكا كان أوفق للعبادة الإسلامية، وقد اتخذه المسلمون في أكثر الأحيان أساسا لتصميمات مساجدهم.
أما الجامع الأموي بدمشق، فقد أقامه الخليفة الوليد بن عبد الملك على أنقاض كنيسة القديس يوحنا، وفي وسطه الآن صحن كبير تحيط به أروقة وعقود وإيوانات من الحجر تحملها في الشمال دعائم
، وفي الشرق والغرب دعائم وأعمدة، وأكبر هذه الأروقة رواق القبلة، ويشمل ثلاث بلاطات
bays
تقوم في وسطها قبة.
ولا شك في أننا نشاهد التأثير الذي كان لتصميم الجامع الأموي على تصميم الجوامع التي شيدت في الأمصار الإسلامية المختلفة في ذلك العصر؛ كجامع القيروان، وجامع الزيتونة بتونس، وجامع قرطبة بإسبانيا.
والقصور التي شيدها الخلفاء في بادية الشام أكثرها أبنية مربعة الشكل وسطها حيشان تحيط بها غرف للسكنى، وكان يأوي إليها الأمراء للصيد أو حين تنتشر الأمراض في المدن، وكان الجزء المهم في بعضها حماما كما في قصر عمرى، وكان البعض الآخر يشبه الحصون الصغيرة، وعلى كل فإن في تصميم هذه القصور وفي زخارفها عناصر عراقية وفارسية، إلى جانب العناصر الشرقية المسيحية التي امتاز بها هذا العصر وتلك الأقاليم.
وقد اشتهر قصر عمرى بما فيه من نقوش آدمية على الأسقف والجدران بألوان زاهية، وأساليب فنية بيزنطية متأثرة في بعض نواحيها بالتقاليد الإيرانية.
الطراز العباسي
لما استولت الدولة العباسية على مقاليد الحكم سنة 750م، أصبحت السيادة في العالم الإسلامي للعراق دون الشام، وأدى ذلك إلى تغيير كبير في أساليب العمارة والزخرفة، فانتقل البناءون إلى استعمال الآجر بدلا من الحجر، وإلى بناء القوائم
بدلا من اتخاذ الأعمدة
columns ، وغلبت الأساليب الفنية الفارسية على الفنون الإسلامية، كما غلب الطابع الفارسي على الأدب والحياة الاجتماعية. وفي سنة 762، شيد الخليفة المنصور مدينة بغداد على نهر دجلة محاولا بناءها على شكل دائرة في وسطها القصر والجامع، ويحيط بها سور كبير فيه أبراج ويوازيه سور آخر.
وفي سنة 836، شيد الخليفة المعتصم مدينة سامرا أو سر من رأى على الضفة اليمنى لنهر دجلة، وعلى بعد مائة متر شمالي بغداد، واتخذها عاصمة جديدة للدولة. وقد ذاع صيت سامرا بالقصور العظيمة التي شيدها فيها المعتصم وخلفاؤه، حتى هجرها الخليفة المعتمد سنة 883، وأرجع البلاد والحكومة إلى بغداد، وسقطت أبنيتها الواحد بعد الآخر اللهم إلا الجامع. وقبيل الحرب العظمى قامت بعثات علمية أوروبية بحفائر كبيرة للكشف عن أنقاضها، ولا يخفى أن لهذه الأنقاض أهمية كبيرة في تاريخ الفن الإسلامي، ولا سيما في مصر؛ لأن أحمد بن طولون - الذي كاد أن يستقل بحكم وادي النيل سنة 868م - كان قد نشأ في سامرا، فنقل إلى مصر ما كان في العراق من أساليب العمارة والزخرفة. ويتجلى ذلك كله في جامع أحمد بن طولون الذي يعتبر في عمارته وزخرفته الجصية مثالا حيا من أمثلة الفن العراقي في القرن التاسع الميلادي.
وقد تم بناء هذا الجامع سنة 878، وهو يتكون من صحن مربع مكشوف، وتحيط به أروقة من جوانبه الأربعة، وتقع القبلة في أكبر هذه الأروقة، وهناك ثلاثة أروقة خارجية بين جدران الجامع وبين سوره الخارجي، وتسمى الزيادات، ولعلها بنيت حينما ضاق الجامع عن المصلين، وجامع ابن طولون مشيد بآجر أحمر غامق، وأقواس الأروقة محمولة على دعائم ضخمة من الآجر تكسوها طبقة سميكة من الجص، بدلا من الأعمدة التي كان المسلمون يأخذونها من الكنائس والمعابد القديمة، ولكن أهم ما يمتاز به هذا الجامع هو مئذنته أو منارته التي تقع في الرواق الخارجي الغربي، فتكاد لا تتصل بسائر بناء الجامع، وهي مبنية بالحجر، وتتكون من قاعدة مربعة تقوم عليها طبقة أسطوانية وعليها طبقة أخرى مثمنة. وأما السلالم فمن الخارج على شكل مدرج حلزوني، وليس لهذه المنارة نظير في الأقطار الإسلامية، اللهم إلا في المسجد الجامع وفي مسجد أبي دلف بسامرا.
وأبنية الجامع الطولوني مغطاة بطبقة سميكة من الجص، وعلى أجزاء كبيرة منها زخارف هندسية جميلة مأخوذة عن الزخارف العراقية في سامرا. وقد عثرت دار الآثار العربية في حفائرها بجهة أبي السعود جنوبي القاهرة على بيت من العصر الطولوني على جدرانه زخارف جصية مأخوذة عن نوع من الزخارف الجصية في سامرا.
ومما امتاز به العصر العباسي نوع من الخزف ذو بريق معدني
lustre
ذاع استخدامه في العراق وإيران ومصر والشام وإفريقية والأندلس، وكانت تصنع منه آنية يتخدها الأمراء والأغنياء عوضا عن أواني الذهب والفضة التي كان استعمالها مكروها في الإسلام؛ لما تدل عليه من البذخ والترف المخالفين لتعاليم الدين، كما كانت تصنع منه أيضا تربيعات تكسى بها الجدران كالتي لا تزال باقية حتى الآن في جامع القيروان.
وقد وصلت إلينا بعض صور وتزاويق من العصر العباسي وجدت على بعض الجدران في أطلال مدينة سامرا، وأشهر هذه الصور رسم فيه راقصتان، ويشهد بما كان للأساليب الفنية الفارسية من تأثير على التصوير في العصر العباسي.
الطراز الإسباني المغربي
قام في المغرب والأندلس على يد دولة الموحدين في القرن الثاني عشر الميلادي، والمعروف أن جمع المغرب والأندلس تحت سلطان واحد حدث على يد المرابطين، وهم أسرة من المسلمين البربر كانت تحكم شمالي أفريقيا منذ القرن الحادي عشر، ثم حدث أن استعان بها مسلمو الأندلس لمقاومة تقدم المسيحيين في طرد المسلمين من إسبانيا، فهب المرابطون لنجدة المسلمين في الأندلس مرة، ثم ساروا لنصرتهم مرة أخرى، ضموا بعدها بلاد الأندلس الإسلامية إلى دولتهم في إفريقية سنة 1090، ولكن دولة المرابطين في المغرب لم تلبث أن اضمحلت وخلفتها أسرة الموحدين سنة 1130، وأرسل الموحدون إلى الأندلس جيشا استولى عليها بين سنتي 1145 و1150، وظلوا يجاهدون ضد المسيحيين حتى هزموا سنة 1235، وكان ذلك نذير طردهم من إسبانيا، ومنذ سنة 1236 صار نفوذ المسلمين في إسبانيا قاصرا على مملكة غرناطة التي كان يحكمها بنو نصر، والتي سقطت في سنة 1492، فانتهى بسقوطها حكم المسلمين في الأندلس.
وقد كانت الزعامة في ميدان هذا الفن الإسباني المغربي لمراكش وإسبانيا، بينما لم يكن فيه للجزائر أو لتونس شأن خطير، ولا غرو فقد كانت الصلة وثيقة بين مراكش والأندلس حين كان الإقليمان خاضعين للموحدين، ثم بعد أن سقط الموحدون في بداية القرن الثالث عشر، وغدت الأندلس الإسبانية ممثلة في بني نصر بغرناطة، بينما كان يحكم مراكش بنو مرين (سنة 1195-1470). فإلى عصر الموحدين تنسب بعض العمائر الشهيرة في الطراز المغربي؛ كجامع الكتبية في مراكش، والأبواب الجميلة في رباط ومراكش، وكالجيرالدا (منارة جامع أشبيلية)، وإلى عصر بني نصر في غرناطة يرجع قصر الحمراء سيد العمائر المغربية على الإطلاق، وقصر جنة العريف، كما ترجع إلى عصر بني مرين المدارس الجميلة في مراكش. واضمحل الفن المغربي في القرن الخامس عشر، وكانت له نهضة ثانية على يد أسرة الأشراف السعديين في مراكش. ويرجع إلى عهد هذه الأسرة مشهد السعديين المشهور ومدرسة بني يوسف في مراكش.
ومن مميزات الطراز الإسباني المغربي استخدام نوع من العقود على هيئة حدوة الفرس، واستخدام الدعائم المبنية من الآجر عوضا عن الأعمدة، مما يكسب الأبنية هيبة وجلالا عظيمين.
ولسنا نستطيع أن نستعرض هنا الظواهر المعمارية التي اختص بها هذا الطراز، وطبعته بطابع خاص يميزه عن سائر الطرز الإسلامية، وحسبنا أن نذكر المآذن المربعة (شكل
6-1 ) والطنف أو الأفاريز الخشبية التي كانت تظل البوابات الخمسة. ونلاحظ أن الأعمدة في قصر الحمراء وفي العمائر التي تأثرت بهذا القصر قد امتازت برشاقتها وجمالها وتيجانها ذات الدلايات أو المقرنصات، كما أن استخدام الفسيفساء من الخزف في تغطية الجدران، والإسراف في الزخارف المحفورة على الجص ظاهرتان قويتان في الطراز الإسباني المغربي.
شكل 3-1: منظر في قصر الحمراء بغرناطة يمثل صحن الرياحين برج قمارش.
كانت كل الظواهر المعمارية المذكورة تتجلى في العمارة الإسبانية المغربية، ولا سيما المساجد والأضرحة، وفي القصور التي يرجع أقدم الباقي منها - وهو قصر الحمراء (شكل
3-1 ) - إلى القرن الرابع عشر، كما امتاز هذا الطراز بكثرة أبنية المدارس، أدخلها سلاطين الموحدين في إسبانيا والمغرب. وذاع صيت مدينة فاس بكثرة المدارس التي كانت تشتمل غالبا على عدة غرف للطلاب، وعلى قاعة كبيرة للدرس كانت تستخدم للنوم أيضا، وكان بناء المدرسة من طابقين، وفي وسطه صحن مكشوف، ولم يكن هناك قسم في البناء لأتباع كل مذهب من المذاهب الأربعة؛ لأن هذه المدارس كانت كلها للمذهب المالكي.
الطراز المصري السوري
كان الفن بمصر في العصر الطولوني (868-905) تابعا للأساليب الفنية العباسية، ولما فتح الفاطميون مصر سنة 969، ثم استولوا على جزء كبير من الشام، وصارت لهم دولة عظيمة نشأ على يدهم الطراز المصري السوري، وتطور بعد ذلك على يد المماليك (1250-1517) تطورا بعيد المدى، حتى ليمكننا أن ننسب إلى الفاطميين طرازا خاصا، وإلى المماليك طرازا آخر، ولكننا لسنا في معرض تفصيل المميزات الدقيقة في كل منهما، فلا بأس من أن نعتبرهما هنا طرازا واحدا، وأن ننظر في مميزاتهما على وجه عام.
وقد كان الطراز المصري السوري أكثر اعتدالا واقتصادا في الزخرفة من سائر الطرز الإسلامية، ولا سيما الطراز الإسباني المغربي.
وقد تأثر الفاطميون بالأساليب الفنية الفارسية بعض التأثير، فكثر رسم الإنسان والحيوان على التحف التي ترجع إلى عصرهم، وفي دار الآثار العربية ألواح خشبية كانت في أحد قصورهم، وعليها زخارف محفورة تمثل مناظر صيد وطرب وموسيقى وسفر، وغير ذلك من صور الحياة اليومية (شكل
7-9 )، كما نجد كثيرا من صور الحيوانات على الخزف ذي البريق المعدني، التي تعتبر صناعته من مفاخر العصر الفاطمي، وعلى قطع النسيج الفاخر التي كان لها تأثير كبير في صناعة النسيج في صقلية وفي إسبانيا.
وقد بقي من عمائر العصر الفاطمي الجامع الأزهر، ومن الظواهر المعمارية التي يمتاز بها العقود الفارسية الطراز، وهي مبنية من الآجر، وعليها طبقة من الجص غنية بزخارفها النباتية والخطية، ومن أبنيتهم أيضا جامع الحاكم، ويمتاز بمنارته ذات القواعد الحجرية، والجامع الأقمر الذي يمتاز بواجهته ذات الزخارف الجميلة، وفي العصر الفاطمي استخدمت القباب فوق الأضرحة التي شيدت لبعض أولاد الإمام علي. وقد كانت القباب قبل ذلك تبنى فوق جزء من أبواب المحراب في المسجد، وصفوة القول أن الفن في العصر الفاطمي كان زاهرا وكانت قصور الفاطميين عامرة بالتحف الفنية التي أقبلوا على جمعها، وأفاض في وصفها المؤرخون والرحال.
3
أما عصر الدولة الأيوبية (1171-1250) فقد امتاز بالعمائر الحربية ولا سيما القلعة، كما امتاز بالمدارس الكثيرة التي شيدها الأيوبيون لتدريس المذاهب الأربعة، ومحاربة العقيدة الشيعية؛ ولذلك كانت هذه المدارس صليبية الشكل، ولكل مذهب فيها رواق. ومن الظواهر المعمارية في العصر الأيوبي القباب الجميلة المحلاة زواياها بالمقرنصات كقبة الإمام الشافعي. أما في الزخرفة فقد انصرف الفنانون عن رسوم الإنسان والحيوان، وأبدعوا في الزخارف النباتية والهندسية، على أن عصر المماليك في مصر هو الذي جعل القاهرة متحفا عظيما، تتيه بما فيها من مساجد وقصور تتجلى فيها عظمة الطراز المصري السوري، ولا يحد إعجاب المشاهد ما فيها من زخارف دقيقة، وفسيفساء بديعة، ورخام متنوع الألوان، وشرفات مسننة، وأبواب ضخمة، ومآذن رشيقة، وقباب منمقة وحسنة النسب. ومن أشهر هذه العمائر جامع الظاهر بيبرس، وجامع قلاوون، وجامع الناصر بالقلعة، وجامع السلطان حسن، وهو أحسن مثال للمدارس ذات الأربعة الأروقة، فضلا عن أنه جمع بين الضخامة ودقة الزخارف، ثم جامع المؤيد، ويمتاز بمحرابه وبمنبره وبجدرانه المكسوة بالفسيفساء الجميلة.
شكل 3-2: مشكاة من الزجاج المموه بالمينا، صناعة مصر أو سورية في القرن الرابع عشر.
ومن التحف النفيسة التي امتاز بها الطراز المصري السوري المشكاوات المصنوعة من الزجاج المموه بالمينا التي كانت تزدان بها مساجد القاهرة (شكل
3-2 )، وتفخر دار الآثار العربية بامتلاك أكبر عدد منها في العصر الحاضر، كذلك تقدمت صناعة الخزف في عصر المماليك تقدما كبيرا، وأتقن الفنانون المسلمون في مصر الزخارف النباتية والهندسية على الأحجار والأخشاب والأقمشة والمعادن.
ودار الآثار العربية في القاهرة متحف ثمين يكمل القاهرة نفسها بمساجدها وعمائرها للدلالة على عظمة الطراز المصري السوري، وامتيازه بين سائر الطرز الإسلامية بحسن الذوق وروعة المنظر.
الطراز الفارسي
إذا ذكرت إيران في الفن الإسلامي، فإن أول ما ينصرف إليه الفكر هو الصور البديعة التي رقمها الفنانون الفرس، والسجاد الجميل الذي لا يزال محط إعجاب الشرقيين والغربيين حتى الآن. وقد امتاز الطراز الفارسي بالزخارف النباتية ولا سيما الزهور، وبالإسراف في رسوم الإنسان والحيوان والطيور على مختلف التحف الفنية. وقد عني الفرس بصدق تمثيل الطبيعة ومحاكاة الحياة في رسومهم النباتية. ولعل بعض السر في ذلك أنهم تأثروا بالأساليب الصينية في هذا الميدان.
شكل 3-3: مسجد قم بإيران.
شكل 3-4: مدخل مسجد شاه بأصفهان.
أما العمائر في الطراز الفارسي فتمتاز بكسوتها بألواح القاشاني التي نبغ الفرس في صناعتها.
ومن أزهى عصور هذا الطراز حكم الأسرة الصفوية في القرن السادس عشر والسابع عشر، وإليه يرجع الميدان الشاهاني في أصفهان، وهو من أجمل ميادين العالم، ويعد الجامع المطل عليه أفخم الجوامع الفارسية.
ومن الظواهر المعمارية في هذا الطراز العقد الفارسي (شكل
3-4 ) والوجهة المستطيلة التي يحف بها من الجنبين مئذنة أسطوانية الشكل، دقيقة الطرف في أعلاها، حيث تقوم شرفة تجعلها كالفنار (شكل
3-3
و
3-4 ).
الطراز التركي
سقط السلاجقة في القرن الرابع عشر، وآل الحكم في آسيا الصغرى إلى العثمانيين الذين استطاعوا الاستيلاء على القسطنطينية سنة 1453، وامتد ملكهم حتى وصل في القرن السادس عشر إلى المجر ومصر والعراق، وقام بينهم طراز فني إسلامي امتاز بتأثير الأساليب المعمارية البيزنطية من ناحية، وبتأثير الطراز الفارسي والأساليب الفنية السلجوقية من ناحية أخرى.
وقد كانت العلاقات وثيقة بين الترك والأوروبيين، فما لبث الطراز التركي أن تأثر منذ بداية القرن الثامن عشر بالأساليب الفنية في طراز الباروك الأوروبي، ثم في منتصف القرن الثامن عشر بطراز الروكوكو.
ولعل خير ما أنتج الترك تحف القاشاني والخزف التي كانت تصنع في آسيا الصغرى في القرنين السادس عشر والسابع عشر، وامتازت بألوانها الجميلة وما فيها من رسوم الزهور والنباتات، كما اشتهر الترك بصناعة السجاجيد الصغيرة للصلاة، وبكتابة المصاحف وتذهيبها بالخط الجميل، وبنسج الأقمشة الحريرية البديعة وتطريزها بالموضوعات الزخرفية النباتية الجميلة، مما كان له أعظم الأثر على المنسوجات الإيطالية ومنسوجات الجزائر اليونانية.
شكل 3-5: جامع السلطان أحمد الأول في إسطنبول .
أما المساجد التركية فتمتاز بمآذنها الممشوقة والمتعددة، وبتصميمها الذي يشبه تصميم كنيسة أيا صوفيا، فيتكون من مربع فسيح تعلوه قبة كبيرة يحيط بها أنصاف قباب صغيرة (شكل
3-5 ).
ومن أعظم الذين اشتهروا في تاريخ العمارة الإسلامية المهندس التركي سنان، المتوفى سنة 1578، ومن تصميمه جامع شاه زادة، وجامع السليمانية، وجامع البايزيدية. وقد امتاز الطراز التركي بما شيد فيه من قصور وأسبلة ومساجد، أكثرها مكسو بالقاشاني الجميل.
الطراز الهندي
تأثرت الهند الإسلامية بالطراز الفارسي تأثرا كبيرا، حتى إن كثيرين من العلماء يعتبرون الأساليب الفنية الإسلامية فيها منذ عصر المغول جزءا من الطراز الفارسي، ولكن الواقع أن العمائر التي قامت في الهند تحت لواء الإسلام في القرون السادس عشر والسابع عشر والثامن عشر احتفظت بظواهر معمارية خاصة بها، كما أن الفنانين الهنود اختاروا زخارف وألوانا تتفق وتراثهم الهندي القديم، فيحسن اعتبار الطراز الهندي طرازا قائما بذاته. وقد امتاز عصر الأباطرة «أكبر» (1556-1605) و«جهانجير» (1605-1628) و«شاه جهان» (1628-1659) بازدهار العمائر والفنون، وكانت العاصمة «أجرا» ثم فتح بور سكرى ثم لاهور ثم دلهي. ولا تزال هذه المدن محتفظة ببعض بدائع هذا الطراز الذي امتاز على الخصوص بما شيد فيه من أضرحة، مثل: تاج محل، وضريح محمود عادل شاه.
شكل 3-6: صورة مسجد الجمعة في دلهي بالهند.
وتمتاز العمائر الهندية باستخدام العقود الفارسية، وبمآذنها الأسطوانية، وبقبابها البصلية الشكل، وبزخارفها الدقيقة. وقد كان تأثير الطراز الفارسي أظهر في المساجد منه في سائر العمائر؛ كالقصور والبيوت والقلاع، ويمتاز الطراز الهندي كذلك بالقباب الصغيرة فوق الوجهات الكبيرة (شكل
3-6 ).
أما الصور الهندية، فقد ورثت كثيرا من تقاليد التصوير الفارسي، ولكنها تختلف عنه في الألوان والمناظر الطبيعية ووجوه الأشخاص (أشكال رقم
7-22
إلى
7-29 ).
الفصل الرابع
عناصر الزخرفة الإسلامية
الفنون الإسلامية زخرفية قبل كل شيء، فسوف نرى أن الفنان في الإسلام لا يكاد يحتمل رؤية مساحة خالية من الرسوم والزخارف. وعناصر الزخرفة في الإسلام أربعة: (1)
الصور الآدمية والحيوانية. (2)
الرسوم الهندسية. (3)
الزخارف النباتية. (4)
الزخارف الخطية.
الصور الآدمية والحيوانية
عرف المسلمون الصور الآدمية ورسوم الحيوانات، ولكن تمثيل الكائنات الحية كان مكروها في الإسلام بوجه عام، وليس في القرآن شيء عن هذا التحريم؛ لأن كلمة «الأنصاب» في الآية التي كان المستشرقون وغيرهم يذكرونها في هذه المناسبة
1
لا يقصد بها سوى الأحجار الكبيرة والأصنام التي كان العرب يعبدونها ويقدمون لها القربان، ولكن كتب الحديث - وهي لم توضع إلا بعد وفاة النبي بأكثر من قرنين من الزمان - تنسب إليه بعض أحاديث تحرم تمثيل الكائنات الحية أو تصويرها. وقد يكون صحيحا أن هذه الأحاديث موضوعة، وأنها لا تعبر إلا عن الرأي الذي كان سائدا بين رجال الدين منذ القرن الثالث بعد الهجرة، ولكننا نميل إلى القول بأن كراهية التصوير في الإسلام ترجع إلى عصر النبي نفسه، وأن أساسها الرغبة في إبعاد المسلمين عن الصور والتماثيل التي تقربهم من عبادة الأصنام، كما أن البساطة والترف اللذين كانا سائدين في فجر الإسلام كانا لا يشجعان على نحت التماثيل أو رقم الصور.
وقد قيل إن المسلمين في كراهتهم تصوير المخلوقات الحية كانوا متأثرين بما كان سائدا عند اليهود، حتى إن الأحاديث النبوية التي تروى في تحريم التصوير تشبه في عباراتها التعاليم اليهودية في هذا التحريم.
والمعروف أن الأمم السامية عامة كانت تكره التصوير، أو لم تكن لها فيه مواهب كبيرة وأساليب فنية راقية، بل يقال أيضا إنها كانت تنسب للصور تأثيرا سحريا ليس هنا مجال شرحه.
وكانت كراهية التصوير وعمل التماثيل عامة بين رجال الدين في الإسلام على اختلاف مذاهبهم من سنيين وشيعيين. ولكن هذا النهي عن تمثيل الكائنات الحية وتصويرها لم يكن يراعى بين المسلمين في كل زمان ومكان، بل كان لا يلتفت إليه في أحيان كثيرة، ولا سيما بين الأمم الإسلامية التي لم تكن سامية الأصل، أو التي كان لها تراث فني ومواهب في التصوير تجعل إقلاعها عنه ليس هينا، كما كان هينا عند العرب أنفسهم. وهذا هو السر في ازدهار صناعة الصور والرسوم التوضيحية
miniature painting
في إيران والهند وتركيا، وبه يفسر أيضا وجود الصور الآدمية والحيوانية على منتجات الطراز الفارسي في الفن الإسلامي ، وعلى منتجات العصر الفاطمي بمصر، ولا دخل للمذهب الشيعي في ذلك، فإن الأيوبيين مثلا كانوا من أبطال المذهب السني، ومع ذلك فقد كانوا يقبلون على التحف المعدنية ذات الموضوعات الزخرفية المستمدة من الإنجيل. وفضلا عن ذلك فإن الهنود، والترك، والمسلمين الذين شيد لهم قصر الحمراء، والذين صنعت لهم التحف العاجية ذات الزخارف الآدمية، كل هؤلاء كانوا سنيين، بل إن إيران لم تتخذ المذهب الشيعي مذهبا رسميا لها إلا منذ بداية القرن السادس عشر الميلادي.
ومهما يكن من شيء، فإن كراهية تصوير المخلوقات الحية كان لها تأثير عميق في طبيعة الفنون الإسلامية يمكن تلخيصه في الأمور الآتية: (أ)
جعلت المسلمين ينصرفون إلى إتقان أنواع أخرى من الزخرفة بعيدة عن تجسيم الطبيعة الحية أو تصويرها، وقد أفلحوا في هذا الميدان حتى أصبحت العناصر الزخرفية التي ابتدعوها طابعا على فنونهم، وصارت تنسب إليهم كما يظهر من لفظ «أرابسك». (ب)
أن المساجد وأثاثها والمصاحف روعي في زخارفها استبعاد رسوم الكائنات الحية، فأصبحت في الغالب خالية من الصور والتماثيل التي يستعان بها على شرح العقائد الدينية، وتوضيح تاريخ الدين وحياة أبطاله، كما في المسيحية مثلا. (ج)
أن الفنون الإسلامية لا تظهر فيها عبقرية النحات؛ فالتماثيل التجسيمية لا يكاد يؤبه لها، والفنانون ينصرفون إلى العمارة وإلى زخرفة المباني وتزيين التحف بالرسوم الفنية. (د)
أن صناعة التصوير التي ازدهرت عند الفرس والهنود المسلمين والترك لم تعرض للموضوعات الدينية إلا فيما ندر. أجل إن بعض المصورين رسموا صورا لعدد من الحوادث المشهورة في تاريخ الرسل المختلفين، كما أنهم رسموا صورا لبعض الحوادث في السيرة النبوية (ميلاد النبي - مقابلة النبي للراهب بحيرا في الشام - وضع الحجر الأسود في الكعبة بيد النبي - نزول الوحي - الهجرة إلى يثرب مع أبي بكر - الإسراء والمعراج - تكسير النبي للأصنام في الكعبة بعد فتح مكة - حادث غدير خم الذي يزعم الشيعة أن النبي أوصى عنده بالخلافة لعلي بن أبي طالب)، ولكن أمثال هذه الصور كانت نادرة ولم تحز رضاء رجال الدين، حتى ليمكننا أن نرى في هذا الميدان فرقا عظيما بين الفنون الإسلامية والفنون الغربية، فقد كان المصورون في الغرب على اتصال وثيق بالكنيسة يستلهمونها موضوعاتهم، ويستمدون منها تشجيعهم، فغلب على منتجاتهم الطابع الديني إلى عصر غير بعيد، بينما كان رجال الدين في الإسلام ينبذون المصورين، ولا يقدرون مواهبهم الفنية، ولا يمنحونهم أي تعضيد.
شكل 4-1: غطاء إبريق من الفخار عليه زخارف محفورة ومنقوشة، وهو من صناعة إيران في القرن الحادي عشر الميلادي، ومحفوظ الآن بمتحف متروبوليتان في نيويورك.
شكل 4-2: كأس من الخزف مذهبة ومنقوشة بالألوان من صناعة مدينة الري بإيران في القرن الثالث عشر محفوظة بمتحف اللوفر في باريس. (ه)
أن علت مكانة الخطاطين في الإسلام لعنايتهم بكتابة القرآن، ولأن فنهم لم يكن مكروها من رجال الدين، وكان يليهم في خطر الشأن المذهبون الذين كانوا يزينون بجميل الرسوم الهندسية والنباتية بعض صفحات المخطوطات. وقد زاد الإقبال على منتجات هؤلاء الفنانين حتى إن الذين لم يستطيعوا شراء مخطوط بأكمله كانوا يقنعون بالحصول على نموذج من كتابة خطاط مشهور، وأصبحت هذه النماذج ضالة الهواة، وارتفعت أثمانها - وكانت في الغالب آيات قرآنية أو أبياتا من الشعر - وجمع منها الأمراء والأغنياء في الهند وإيران وتركيا ومصر المجموعات الفاخرة. وكان على أكثر هذه النماذج توقيع الخطاطين، ومن أعلاهم كعبا ابن مقلة وابن البواب وياقوت المستعصمي. (و)
أن أكثر الفنانين المسلمين لم تكن لهم براعة مشهورة في الرسوم الآدمية والحيوانية، ولم يكن دأب الفنان صدق تمثيل الطبيعة، بل كانت له أساليب اصطلاحية ظلت باقية في أرقى عصور الفن، فقل أن نجد عناية بجسم الإنسان ونسب الأعضاء، وقوة التعبير في الوجوه للدلالة على المشاعر المختلفة، اللهم إلا على يد نفر قليل من أعاظم المصورين الذين نبغوا في إيران، والرسوم العارية لا تكاد تكون معروفة في التصوير الإسلامي، وقوانين المنظور مهملة.
2
وقد تبدو الصور الفارسية مملة لتشابهها، واشتراك المصورين في إهمال الظل والضوء، وفي رسم الأشخاص في أوضاع معينة تفقد أكثرها شيئا من الروح والحركة ودقة التعبير، ولكنها مع ذلك لها سحرها وجمالها ؛ لأننا نستطيع أن نقول في ثقة واطمئنان: إن الفنانين المسلمين لم يصوروا الإنسان أو الحيوان، وإنما كانوا يتخذون منهما موضوعات زخرفية. (ز)
كان لكراهية التصوير في الإسلام صداها في المسيحية؛ فقد ثبت أن القائمين بحركة كاسري الصور
iconoclasts
عند المسيحيين في القرن الثامن الميلادي كانوا متأثرين بتعاليم المسلمين في هذا الصدد.
الرسوم الهندسية
عرفت الفنون التي سبقت الإسلام ضروبا كثيرة من الرسوم الهندسية، ولكن هذه الرسوم لم يكن لها في تلك الفنون شأن خطير، وكانت تستخدم في الغالب كإطارات لغيرها من الزخارف. أما في الإسلام فقد أضحت الرسوم الهندسية عنصرا أساسيا من عناصر الزخرفة.
شكل 4-3: صورة حمال على قطعة من صحن خزفي ذي بريق معدني يرجع إلى العصر الفاطمي في القرن الحادي عشر، ومحفوظ الآن بمجموعة صاحب السعادة أراكيل نوبار باشا. والمعروف أن الخزف ذا البريق المعدني من العصر الفاطمي يكون مزينا برسوم آدمية وحيوانية ونباتية جميلة، كما يظهر من المجموعة الثمينة المحفوظة في دار الآثار العربية بالقاهرة، ولكن رسم مثل هذا الحمال نادر جدا في الفنون الإسلامية، بل إننا لا نعرفه إلا على قطعة من صندوق عاجي في مجموعة كران
Carrand
المحفوظة بمتحف البارجلو
Bargello
بمدينة فلورنسة.
شكل 4-4: إناء من النحاس من صناعة مصر في عصر المماليك، وتظهر في الصورة زخرفة في قاع الإناء من الداخل، قوامها ست سمكات ملتفة في وضع هندسي جميل حول دائرة صغيرة في وسط القاع، كما يظهر في سطح الإناء صورة الكأس وهي «رنك» الساقي أو شارته في عصر المماليك. وهذا الإناء من مجموعة حضرة صاحب السعادة أراكيل نوبار باشا. ويذكر شكل هذا الإناء وزخرفته بالأواني التي كانت تصنع من الفخار المطلي بالمينا في عصر المماليك، والتي يوجد على أكثرها رسوم رنوك، وزخارف هندسية مختلفة، وعبارات بالخط النسخي المملوكي فيها أدعية معروفة أو جمل مأثورة.
ولسنا نريد هنا أن نعنى عناية خاصة بالرسوم الهندسية البسيطة كالمثلثات والمربعات والمعينات والأشكال المخمسة والسداسية، كما لا تعنينا أيضا الأساليب الهندسية التي كان لها شأن يذكر في الزخارف الساسانية البيزنطية؛ كالدوائر والعصائب والجدائل المزدوجة، والخطوط المنكسرة، والخطوط المتشابكة، ولكنا نقصد الرسوم الهندسية التي امتازت بها الفنون الإسلامية، ولا سيما في عصر المماليك بمصر، تلك هي التراكيب الهندسية ذات الأشكال النجمية المتعددة الأضلاع، وهي التي ذاعت في مصر واستخدمت في زخارف التحف الخشبية (شكل
4-5 )، والنحاسية (شكل
4-6 )، وفي الصفحات الأولى المذهبة في المصاحف والكتب، وفي زخارف السقوف وغير ذلك. وقد أتقن المسلمون هذا النوع وانصرفوا إلى الابتكار والتعقيد فيه.
وقد عني الأستاذ برجوان الفرنسي
Bourgoin
بدراسة هذه الزخارف الهندسية المعقدة، وبتحليلها إلى أبسط أشكالها
3
ويتجلى من دراسته الطريفة أن براعة المسلمين في الزخارف الهندسية لم يكن أساسها الشعور والموهبة الطبيعية فحسب، بل كانت تقوم على علم وافر بالهندسة العلمية، وأعجب الغربيون بهذه الرسوم الهندسية، وقلدها بعضهم، حتى ليروى عن ليوناردو دافينشي أنه كان يقضي ساعات طويلة يرسم فيها الزخارف الهندسية الإسلامية (شكل
4-7 ).
شكل 4-5: مصراع باب فيه حشوات من العاج المحفور والمنزل، وهو من الصناعة المصرية في القرن الخامس عشر، ومحفوظ الآن في متحف فكتوريا وألبرت بلندن.
شكل 4-6: كرسي من نحاس مخرم منشوري الشكل، ومسدس الأضلاع، ومكفت بالفضة، وعلى جوانبه زخارف هندسية مختلفة. وهو من صناعة مصر في القرن الرابع عشر الميلادي، ومحفوظ بدار الآثار العربية.
ولسنا نظن أنه كانت ثمة كتب عند المسلمين فيها نماذج الزخارف الهندسية الإسلامية الذائعة، ولكنا نرجح أن هذه الزخارف كانت سرا من أسرار الصناعة يتلقاه الصبيان عن معلميهم في الفن والمهنة.
شكل 4-7: زخرفة إسلامية لليوناردو دافنشي.
والمشاهد أن الزخارف الهندسية أكثر ذيوعا في الطراز المصري السوري منها في سائر الطرز الإسلامية، حتى لقد قيل إنها ترجع إلى الفن المصري القديم، كما قال آخرون إنها تظهر في زخارف الخيام والسجاجيد التي كان يصنعها الأقوام الرحل الذين كانوا يعيشون في أواسط آسيا، وقال فريق ثالث إنها ربما تأثرت بالرسوم الهندسية التي حذقها فريق من صناع الفسيفساء عند البيزنطيين، وورثها عنهم صانعو الفسيفساء المسلمون.
شكل 4-8: زخرفة هندسية إسلامية.
والمعروف أن بعض الزخارف الهندسية التي استخدمها البيزنطيون والقبط انتقلت إلى أيرلندا؛ حيث استخدمت في تزيين الصور التوضيحية في المخطوطات ، ولكن لم يكن لها هناك الوفرة والتعقيد اللذان كانا لها على يد المسلمين، واللذان كان يكسبان بعض أجزائها شيئا من الحركة والحياة.
وقد طبعت الفنون الإسلامية بطابع هذه الرسوم الهندسية، حتى إن برجوان
Bourgoin ، العالم الفرنسي السالف الذكر، أشار في معرض دراستها وتحليلها إلى ثلاثة فنون عظيمة؛ هي: الفن الإغريقي، والفن الياباني، والفن العربي (الإسلامي)، وشبهها بالفصيلة الحيوانية والنباتية والمعدنية على الترتيب؛ إذ إنه شاهد في الفن الإغريقي عناية بالنسبة وبالأشكال التجسيمية
Forms ، وبدقائق الجسم الإنساني والحيواني، بينما عرف في الفن الياباني دقة في تمثيل المملكة النباتية، ورسم الأوراق والفروع والزهور. أما في الفن الإسلامي، فقد ذكرته الأشكال الهندسية المتعددة الأضلاع بالأشكال البلورية التي توجد عليها بعض المعادن.
الزخارف النباتية
أما العنصر النباتي في الزخارف الإسلامية، فقد تأثر كثيرا بانصراف المسلمين عن استيحاء الطبيعة وتقليدها تقليدا صادقا أمينا، فكانوا يستخدمون الجذع والورقة لتكوين زخارف تمتاز بما فيها من تكرار وتقابل وتناظر، وتبدو عليها مسحة هندسية جامدة تدل على سيادة مبدأ التجريد والرمز في الفنون الإسلامية (شكل
4-9 ). وأكثر الزخارف النباتية ذيوعا في الفنون الإسلامية الأرابسك، وقد عمت هذه التسمية حتى كادت تطلق على كل الزخارف النباتية الإسلامية، ولكن الحقيقة أن الأرابسك هي الزخارف المكونة من فروع نباتية وجذوع منثنية ومتشابكة ومتتابعة، وفيها موضوعات زخرفية مهذبة (stylisé)
ترمز إلى الوريقات والزهور، وتسمى أحيانا بالمت أو نصف بالمت.
شكل 4-9: حشوة من الخشب المحفور ذي الزخارف النباتية، من صناعة مصر في القرن العاشر أو الحادي عشر، محفوظة بدار الآثار العربية في القاهرة.
وقد بدأ ظهور زخارف الأرابسك في القرن التاسع الميلادي، فنراها في التحف والزخارف الجصية التي كانت تغطي الجدران في مدينة سامرا بالعراق، وفي مصر إبان العصر الطولوني، الذي كان متأثرا كل التأثر بالأساليب الفنية العراقية؛ نظرا لأن ابن طولون نشأ في سامرا، ونقل منها إلى مصر الأساليب الفنية التي كانت محبوبة في العراق، كما نرى بدء زخارف الأرابسك على التحف الخشبية التي عثر عليها في سامرا، أو التي ترجع أيضا إلى العصر الطولوني. وتطورت زخارف الأرابسك في العصر الفاطمي حتى بلغت بعد ذلك غاية عظمتها في العالم الإسلامي منذ القرن الثالث عشر (شكل
4-10 ).
وقد أتقن المسلمون زخارف نباتية أخرى غير الأرابسك تتكون أيضا من جذوع نباتية وأوراق تختلف في دقة تقليد الطبيعة بحسب العصور والأقاليم.
شكل 4-10: حوض من الرخام من صناعة سورية سنة 1277 ميلادية، ومحفوظ في متحف فكتوريا وألبرت بلندن.
على أننا نلاحظ في إيران منذ نهاية القرن الثالث عشر الميلادي أن الموضوعات الزخرفية النباتية كانت مثالا صادقا للطبيعة، وكان ذلك بتأثير الفن الصيني الذي تسربت كثير من أساليبه إلى الفن الإسلامي الفارسي على يد المغول في إيران، ثم انتشرت من إيران إلى غيرها من الأقاليم الإسلامية، كما نراها على بعض المشكاوات المصنوعة في سورية أو مصر (شكل
3-2 )، وعلى الخزف والقاشاني المصنوع في سورية أو آسيا الصغرى في القرنين السادس والسابع عشر (شكل
4-11 ).
وقصارى القول أن الرسوم النباتية كانت منذ البداية عنصرا هاما من عناصر الزخرفة الإسلامية، ولكنها كانت ترسم بطريقة اصطلاحية مهذبة. وقد حاول بعض العلماء أن يفسر ذلك بنفور المسلمين من تقليد الخالق عز وجل وصدق تمثيل الطبيعة، وفسرها آخر بالأحوال الجوية التي تسود أغلب البلاد الإسلامية، فلا تساعد على إظهار بدائع الطبيعة، ونمو الزهور والنباتات، واختلاف الفصول، كما يحدث في البلاد الغربية أو في بلاد الشرق الأقصى.
ومع ذلك كله فإن على كثير من العمائر والتحف رسوما نباتية دقيقة يمكن مقارنتها بالرسوم النباتية في عصر النهضة بأوروبا، وحسبنا أن نذكر الفروع النباتية وعناقيد العنب وأوراقه وما إلى ذلك مما نراه في قبة الصخرة، وقصر المشتى، وسامرا، وعلى منبر جامع القيروان، كما نرى غيرها في زخارف العقود والنوافذ في ضريح السلطان قلاوون، وفي الإيوان الرئيسي بجامع السلطان حسن.
شكل 4-11: لوحان من القاشاني المنقوش بالألوان العديدة، من صناعة آسيا الصغرى في القرن السادس عشر، ومحفوظان بمتحف الفنون الزخرفية في باريس.
أما زخارف الأرابسك فقد أشرنا إلى الخلاف في مدلولها، حتى إنها لا تزال تطلق على كل زخرفة قوامها الجمع بين رسوم نباتية اصطلاحية ومهذبة
Stylisé
ومرتبة ومكررة في أسلوب هندسي أساسه التوافق والتناظر.
الزخارف الخطية
وهي حقا ميزة من ميزات الفنون الإسلامية؛ فإن الكتابات المرقومة على الأبنية والتحف المختلفة ليس المقصود بها دائما إثبات اسم صاحب التحفة، أو مؤسس البناء وتاريخه، أو التبرك ببعض الآيات القرآنية الكريمة، أو ببعض العبارات المألوفة، بل إن الفنانين المسلمين اتخذوا الكتابة عنصرا حقيقيا من عناصر الزخرفة، فعملوا على رشاقة الحروف، وتناسق أجزائها، وتزيين سيقانها ورءوسها ومداتها وأقواسها بالفروع النباتية والوريدات (شكلي
4-12
و
4-13 ). والمعروف أن الخط العربي قسمان: خط كوفي يمتاز بزواياه القائمة، وقد كان مستخدما حتى آخر القرن الثاني عشر على المباني وفي المصاحف، ثم الخط النسخي العادي. وقد كان الخط الكوفي بسيطا في أول أمره، ثم تطور في سبيل الرشاقة منذ القرن التاسع الميلادي، ودخلته الزخارف النباتية المتفرعة والمتشابكة فسمي الخط الكوفي المزهر، ثم أصبحت الحروف في القرن الحادي عشر أنيقة على أرضية من الزهور والأغصان، حتى جاء النصف الثاني من القرن الثاني عشر وبدأ الخط النسخي يستخدم على الأبنية وفي المناسبات الرسمية بدلا من الخط الكوفي، وقد كان الخط النسخي قبل ذلك غير مستخدم إلا في المخطوطات العادية. وليس الخط النسخي أحدث من الخط الكوفي؛ لأن الواقع أنهما كانا معروفين في القرن السابع الميلادي، غير أن الخط الكوفي كان شائعا في الكتابات على الأحجار والنقود وفي المصاحف، بينما النسخي كان مستخدما فيما عدا ذلك.
شكل 4-12: صورة تمثل تطور الخط الكوفي والعناصر الزخرفية فيه، وذلك على بعض العمائر في إفريقية (نقلا عن مارسيه).
ولم يكن استخدام الخط في الزخرفة قاصرا على أشرطة الكتابة الكوفية أو النسخة على الأبنية، أو على التحف من خزف ومعدن وخشب وعاج ونسيج ومخطوطات فحسب، بل كان الفنانون المسلمون يبدعون في كتابة العبارات بالخط الكوفي المتداخل، بحيث تظهر العبارة على شكل مربع أو مستطيل، كما كانوا يكتبون العبارة أو الكلمة بالخط النسخي أو بغيره على شكل حيوان أو طائر.
شكل 4-13: مثال من الزخارف الخطية على قطعة من نسيج إيرانية ترجع إلى القرن الثاني عشر ، ونص العبارة المكتوبة: «وفي القبر وحدتي وفي اللحد وحشتي» (عن فييت).
وكان تصوير المخطوطات وتحليتها بالرسوم الملونة أمرا ثانويا بالنسبة إلى كتابتها بالخط الجميل، وكان الهواة - كما ذكرنا - يقدرون فن الخطاطين أحسن تقدير، فكانوا يبذلون الأموال الطائلة في سبيل الحصول على منتجاتهم، كما يدفع الأوروبيون الآن الأثمان العالية للحصول على لوحات مشاهير المصورين.
وبدأت الزخارف في الظهور على الصفحات المكتوبة في المصاحف منذ عصر متقدم، وكان مجالها أولا رءوس السور والفواصل بين الآيات وعلامات الأحزاب والأجزاء، غير أن الورقتين الأولى والثانية - وفيهما فاتحة القرآن وبدء سورة البقرة - هما اللتان عني بهما عناية كبيرة، حتى كانتا تزدحمان بالزخارف، وتلمعان بالألوان البراقة. وأما في المخطوطات غير القرآنية، فكانت عناوين الكتب أو الأبواب أو الفصول هي التي يعنى بزخرفتها وتلوينها، فضلا عن توضيح المتن بالصور الصغيرة
Miniature painting
التي امتازت برسمها إيران والهند ثم تركيا.
4
شكل 4-14: صورة صحيفة من مصحف بالخط الكوفي، لعلها من صناعة مصر أو العراق في القرن الثاني عشر الميلادي، وتظهر في الصورة الزخارف النباتية التي تقوم بين الكتابة. وهذه التحفة محفوظة في دار الآثار العربية بالقاهرة.
ولا يفوتنا قبل الانتقال من عناصر الزخرفة الإسلامية أن نشير إلى أن بعض التحف يجتمع فيها عنصر أو أكثر من هذه العناصر (شكلي
4-15
و
7-15 ).
شكل 4-15: سقف من الخشب المحفور من صناعة صقلية في القرن الحادي عشر، ومحفوظ الآن بالمتحف الأهلي في بالرموا.
الفصل الخامس
بعض خواص الفنون الإسلامية
كراهية الفراغ
وتتجلى في ميل الفنانين المسلمين إلى تغطية المساحات، وهربهم من تركها بدون زينة أو زخرفة، فإن من أكثر ما يلفت النظر في العمائر والتحف الفنية الإسلامية ازدحام الزخرفة وكثرتها واتصالها حتى تغطي المساحة كلها أو جزءا منها؛ ولذا كانت الفنون الإسلامية فنونا زخرفية قبل كل شيء، وكانت فضلا عن ذلك أعظم الفنون خصبا في الزخرفة. ويعبر الغربيون عن هذه الظاهرة في الفنون الإسلامية بالاصطلاح اللاتيني
Horor vacui
أي الفزع من الفراغ.
الزخارف المسطحة
فالنتوء والبروز نادران في الرسوم الإسلامية؛ إذ انصرف الفنانون عن التجسيم إلى تغطية المساحات برسوم سطحية، ولكن التلوين والتذهيب خففا من وطأة هذا النقص.
البعد عن الطبيعة
لم يعمل الفنانون المسلمون على صدق تمثيل الطبيعة بقدر ما كانوا يرسمون الأشياء كما يصورها لهم خيالهم، فطغت على فنونهم الاصطلاحات والأوضاع المبتكرة. ولعل هذا البعد عن الطبيعة ناتج من أن الإسلام ورث التقاليد الفنية البيزنطية، بعد أن كانت بيزنطة نفسها - بتأثير المسيحية - سارت في الاتجاه الذي أتمه الإسلام بعدها، وهو البعد عن الدقة في تمثيل الطبيعة، والتخلص من تقاليد الفن الإغريقي في هذا الصدد، فالمعروف أن الفن البيزنطي فقد جزءا كبيرا مما كان في الفن الإغريقي من تمثيل الأشياء كما هي بدون غلو ولا تجميل، فلما جاء الفن الإسلامي سار في الطريق نفسه، وكان نفور المسلمين من تقليد الخالق أكبر مشجع على عدم الرجوع إلى الأساليب الفنية الإغريقية القديمة.
التكرار
فالمشاهد أن الموضوعات الزخرفية تتكرر على العمائر والتحف الإسلامية تكرارا يلفت النظر، وإننا لنرى ذلك في الموضوعات التي يرسمها المصور الفارسي في المخطوطات، وفي الزخارف الهندسية التي تعم التحف الخشبية في العصر المملوكي، وفي زخارف الخزف الفارسي والتركي والفاطمي، وفي الزخارف التي تسود العمائر الإسبانية المغربية، وفي سائر التحف الإسلامية على الإطلاق. وحسبنا أن نذكر هنا بعض الرسوم التي اعتدنا رؤيتها في الفنون الإسلامية: الأرابسك - الرسوم الهندسية - الحيوانات المتواجهة أو المتدابرة وقد يكون بينها شجرة الخلد الفارسية (هوما) - الطيور ولا سيما الطاووس والأرنب وقد يكون في منقار الطائر فرع نباتي ينتهي برسم وريدة أو ورقة نباتية - إناء يخرج منه جذع يتفرع إلى اليمين واليسار - النسر وقد يكون له رأسان كالنسر الذي أصبح رنكا أو شارة لسلاطين السلاجقة في القرن الثاني عشر، ثم اتخذه من بعدهم قياصرة الدولة الرومانية المقدسة في القرن الرابع عشر - السلطان على عرشه وإلى جانبه بعض أتباعه كما يرى في الصور الفارسية وعلى الخزف ذي الألوان المتعددة من صناعة مدينة الري في إيران - بهرام جور على فرسه يرمي حمار الوحش بسهم واحد فيثبت قدمه بإحدى أذنيه - الأمير جالس القرفصاء وفي يده كأس ... إلخ .
الرسم التوضيحي والصور الصغيرة
عني المسلمون ولا سيما الفرس والهنود ثم الترك بتوضيح بعض الكتب الأدبية، وتزيين دواوين الشعر بالصور الصغيرة. وأقدم ما وصل إلينا من هذه الصور يرجع إلى نهاية القرن الثاني عشر، وأغلبه توضيح لحكايات كلية ودمنة، أو لحيل أبي زيد السروجي في مقامات الحريري، ثم تقدمت صناعة التصوير عند الفرس، وازدهرت المدرسة الفارسية التترية في القرنين الثالث عشر والرابع عشر، ثم المدرسة التيمورية في القرنين الرابع عشر والخامس عشر. وظهر في آخرها بهزاد سيد مصوري الفرس على الإطلاق. أما المدرسة الصفوية في القرنين السادس عشر والسابع عشر فقد نبغ من المصورين فيها سلطان محمد، وإليه تنسب صورة فيها دعابة وحركة وخفة روح، وهي صورة في مخطوط من ديوان حافظ، وتمثل منظر شراب تدار فيه الكئوس، فيشرب فيها بعض الحاضرين، ويرقص آخرون، ويتدحرج البعض على الأرض ويترنح من أسكرتهم الخمر، وينظر شيخ في مرآة في يده، بينما يطرب الجميع موسيقيون بينهم ثلاثة لهم وجوه تشبه وجوه القردة. وفي طرف الصورة حديقة تطل عليها شرفة وقف فيها رجل في يده حبل طويل يتدلى إلى الساقي، يربط فيه إبريق من الخمر (شكل
7-20 ).
ثم جاء عصر الشاه عباس وخلفائه منذ أواخر القرن السادس عشر، وأقبل الفنانون الفرس على رسم الصور المستقلة؛ إذ إن ظهور التأثير الأوروبي في منتجاتهم صحبة خروجهم من ميدان المخطوطات وتصويرها وتهذيبها إلى تزيين الجدران، ونقش الصور الكبيرة.
وليس هنا مجال البحث في مزايا كل مدرسة من مدارس التصوير الفارسي، فحسبنا أن نلفت النظر إلى تلك الصورة، وأن نذكر أنها وحيدة في بابها، وأن في كثير منها من قوة التفكير، وحسن الإبداع، وجمال الألوان ما يشفع في تقاليدها الوضعية وخيالها الواسع، ولكن علينا إذ أردنا أن نتذوق بدائعها ألا نقارنها بما أنتجه مصورو الغرب ومن نسج على منوالهم؛ لأن لكل طراز من هذين الطرازين مزاياه وعيوبه.
الفصل السادس
بعض مميزات العمائر الإسلامية
المآذن
شكل 6-1: مئذنة الكتبية في مراكش من القرن الثاني عشر الميلادي.
كانت المساجد الأولى في الإسلام لا منارات لها حتى أواخر القرن السابع الميلادي، وقد عرف المسلمون من المآذن أنواعا شتى؛ منها نوع على شكل برج مربع، وقد انتشر في شمالي إفريقية والأندلس، ومن أمثلته مئذنة المسجد الجامع في القيروان، ومنارة الكتبية في مراكش (شكل
6-1 )، ومنارة مسجد أشبيلية (الجيرالدا). أما المنارة في الطراز العثماني فمستديرة ودقيقة وممشوقة، وفي أعلاها مخروط مدبب، ومن أمثلتها المآذن في جوامع إسطنبول وفي جامع محمد علي بالقاهرة.
أما مآذن إيران فليس فيها شرفات للمؤذن، بل تنتهي في أعلاها بردهة يسندها كورنيش قائم على دلايات أو مقرنصات. وهذا النوع من المآذن يشبه الفنارات، وليست له أناقة سائر المآذن في العالم الإسلامي. وفي الهند كانت المآذن في الغالب مستديرة تضيق كلما ارتفعت، وتزينها شرفات وتضليعات، بينما كانت المآذن في مصر وسورية مختلفة الأنواع، فمنها مثلا المنارة الحلزونية في جامع ابن طولون، ومنها منارة جامع الحاكم الغريبة الشكل، ومنها منارات تشبه أبراج النواقيس في الكنائس، ولكن غلب على مصر وسورية نظام المآذن ذات الأدوار الثلاثة: الأول مربع، والثاني مثمن، والأعلى أسطواني.
القباب
أخذها المسلمون عن البيزنطيين والساسانيين. وأحسن القباب الإسلامية موجودة في مصر، وقد امتازت بارتفاعها وتناسق أبعادها، وبالزخارف التي تزين سطحها الخارجي. أما في إفريقية فقد كانت القباب على شكل نصف دائرة تقريبا، ولم تكن لها زخارف خارجية، وكانت القباب في الطراز العثماني على شكل نصف دائرة غير كامل، كما كانت هناك غالبا قبة رئيسية تحيط بها أنصاف قباب. أما في إيران فقد كانت القباب بصلية الشكل تستند على مقرنصات، وتغطى بتربيعات من القاشاني البراق.
المقرنصات أو الدلايات
Stalactites
وهي زخارف معمارية تشبه خلايا النحل، ونجدها بارزة ومدلاة في طبقات مصفوفة فوق بعضها، في واجهات المساجد أو في المآذن؛ لتقوم عليها الشرفات التي يدور فيها المؤذن، أو في تيجان بعض الأعمدة الإسلامية، أو في القباب بين القاعدة المربعة والسطح الدائري. وقد استخدمت المقرنصات للزخرفة في الأسقف الخشبية، ومنها مثال بديع محفوظ في دار الآثار العربية.
ومهما يكن من شيء فإن الدلايات أو المقرنصات ظاهرة أخرى تدل على غرام المسلمين بالأشكال الهندسية، وعلى حرصهم على تغطية المساحات العارية عن الزخرفة.
العقود أو الأقواس
عرف المسلمون أنواعا كثيرة من العقود، وكان الفنانون في بعض أنحاء العالم الإسلامي يفضلون نوعا خاصا ويقبلون على استعماله، ومن العقود التي استخدمها المسلمون العقد المزخرف بالمقرنصات، ونجده في الطراز الإسباني المغربي، والعقد نصف الدائري، والعقد العادي المدبب أو ذي المركزين، والعقد الفارسي الذي ينتهي انحناؤه بخطين مستقيمين، والعقد ذو الفصوص العديدة، وكان يستخدم كزخرفة سطحية في البوائك الصماء.
الأبواب
عني المسلمون بتصفيح الأبواب الخشبية بالبرونز، أو بكسوتها بقطع من النحاس المخرم تركب على أشكال نجوم هندسية وأشكال متعددة الأضلاع. وفي دار الآثار العربية باب خشبي من مصراعين، مصفح بالنحاس الأصفر المخرم، وعليه زخارف جميلة مرتبة في تناظر وتقابل يذكر بزخارف بعض السجاجيد، وبزخارف الصفحات المذهبة في المخطوطات. وتبدو في زخارف هذا الباب رسوم حيوانات، وطيور مختفية على أرضية نباتية حتى إن المشاهد لا يفطن إلى وجودها إلا بعد فحص دقيق. وعلى هذا الباب كتابة باسم أحد مماليك السلطان قلاوون. والمعروف أن هذا السلطان توفي سنة 1290م.
الفصل السابع
أثر الفنون الإسلامية في فنون الغرب1
تأثرت الفنون الإسلامية بالفنون الساسانية والبيزنطية والقبطية والصينية، ولكنها بعد أن ازدهرت وقوي سلطانها أثرت في الفنون الأوروبية، حتى لقد نقل الصناع الأوروبيون الحروف العربية، واستخدموها للزخرفة بدون أن يفهموا معناها، كما نقلوا الزخارف الإسلامية من هندسية ونباتية، وقلدوا أشكال الأواني المعدنية التي كان المسلمون يصنعونها على شكل طيور أو حيوانات صغيرة، وعرف الإيطاليون المنتجات الصناعية الإسلامية إبان الحروب الصليبية، وأخذ صناعهم يقلدونها ولا سيما في البندقية (شكلي
7-1
و
7-2 )، فكانت الجمهوريات التجارية الإيطالية واسطة انتقل على يدها كثير من أساليب الصناعة والزخرفة الإسلامية، ولا سيما في التحف المعدنية (شكل
7-3 ) والزجاجية وصناعة التجليد، كما أخذ الإيطاليون أيضا أسرار صناعة الخزف من الأندلس. أما صناعة النسج عند المسلمين فقد كان لها تأثير كبير في صناعة النسج عند الأوروبيين. وحسبنا أن أسماء أنواع كثيرة من المنسوجات ترجع إلى أصل إسلامي، مثل:
Damask (من دمشق) و
Muslin (من الموصل) (انظر شكلي
7-4
و
7-5 ).
شكل 7-1: جلد كتاب فارسي من القرن السابع عشر، محفوظ بمتحف فكتوريا وألبرت.
شكل 7-2: جلد كتاب من صناعة البندقية في سنة 1546، محفوظ بمتحف فكتوريا وألبرت.
شكل 7-3: غطاء إناء من النحاس المكفت بالفضة، صنع بمدينة البندقية في بداية القرن السادس عشر، ومحفوظ الآن بالمتحف البريطاني.
شكل 7-4: نسيج من الحرير المصنوع بآسيا الصغرى في القرن السادس عشر، ومحفوظ الآن بمتحف الفنون الزخرفية في باريس.
شكل 7-5: نسيج من الحرير المصنوع بإيطاليا في القرن السادس عشر، ومحفوظ الآن بمتحف فكتوريا وألبرت.
شكل 7-6: قاعة السفراء بالقصر
Alcazar
في أشبيلية وترى على جدرانها أنواع القاشاني المتعدد الألوان (azulejos) .
وكذلك كان لفن العمارة - ولا سيما في الطراز الإسباني المغربي - تأثير كبير على العمارة في جنوبي فرنسا وإيطاليا، ولا غرو فإن الأساليب الإسلامية في التصميم والزخرفة ظلت باقية في إسبانيا حتى عصر النهضة بعد أن حفظها المدجنون
2
على إثر زوال سلطان المسلمين عن الأندلس (شكل
7-6 ).
وقد عني الفنانون الغربيون منذ القرن السادس عشر بدراسة الزخارف الإسلامية كما فعل ليوناردو دافينشي وفرانسيسكو بلجرينو (شكل
4-7 ). •••
ومما يجدر بالفنانين معرفته أن الشرق الإسلامي كان له بعض التأثير على فن التصوير الفرنسي في القرن التاسع عشر، بعد أن عرف الفرنسيون الشرق في حملة نابليون على مصر، وفي حرب استقلال اليونان، وإنا لنلمح هذا التأثير في لوحات بعض المصورين الفرنسيين، ولا سيما ديلا كروا
Delacroix
وجروس
Gros
وجريكو
Géricault
وديكام
Decamps
وماريلها
Marillhat ، وزاد في هذا التأثير اتصال الفرنسيين بشمالي إفريقية وما قام بينهم وبين تلك البلاد من علاقات فتح وكشف ودراسة.
3
شكل 7-7: فسقية من الفسيفساء المركب من قطع رخامية متعددة الألوان، وفيها زخارف هندسية دقيقة تشبه الزخارف الموجودة في قبة قلاوون المشيدة سنة 1285م. وهذه الفسقية محفوظة في دار الآثار العربية.
شكل 7-8: قطعة من حشوة خشبية محفوظة بدار الآثار العربية، وترجع إلى العصر الفاطمي، وهي تمثل حيوانا ينقض على حيوان آخر. وهذا الموضوع الزخرفي قديم في الفنون الشرقية، ويذكر التحام هذين الحيوانين بما نشاهده على التحف المعدنية التي أنتجها السيت
Scythes
في شمال غربي آسيا قبل الميلاد ببضعة قرون.
شكل 7-9: لوح من الخشب يظن أنه من أحد قصور الخلفاء الفاطميين في نهاية القرن العاشر الميلادي، وعليه مناظر صيد ورقص وطرب مرتبة ترتيبا روعي فيه التناظر والتقابل، وبين بعضها رسوم طيور وحيوانات. وهذا اللوح محفوظ بدار الآثار العربية مع ألواح أخرى من نفس المجموعة، وهناك ألواح تشبهها ومحفوظة الآن في المتحف القبطي بالقاهرة، وفي متحف فكتوريا وألبرت بلندن.
شكل 7-10: بقجة من النسيج المطرز المصنوع بإيران في القرن السابع عشر الميلادي، وهي من مجموعة المسيو فيتالي ماجار بالقاهرة (عن ألبوم معرض الفن الفارسي لفييت).
شكل 7-11: إناء من الخزف محفوظ بدار الآثار العربية من صناعة آسيا الصغرى في القرن السابع عشر الميلادي، يلفت النظر بزخارفه ذات الألوان الزاهية من أزرق وأبيض وأخضر وأحمر، وهو من النوع الشائع نسبته إلى رودس.
شكل 7-12: صحنان من خزف صنعا بآسيا الصغرى في القرن السادس عشر الميلادي، ومن النوع الشائع نسبته إلى رودس، وهما محفوظان في دار الآثار العربية.
شكل 7-13: تربيعة من القاشاني المصنوع في مدينة الري بإيران في القرن الثالث عشر الميلادي، وهي محفوظة بدار الآثار العربية.
شكل 7-14: صحن خزفي من صناعة إسبانيا في القرن الرابع عشر أو الخامس عشر الميلادي، وهو محفوظ بالقسم الإسلامي من متاحف برلين (كليشيه متحف برلين).
شكل 7-15: خمار من الديباج الفارسي في القرن السادس عشر، ومحفوظ بمتحف الفنون الزخرفية في باريس.
شكل 7-16: صورة أمير جالس القرفصاء على عرشه وحوله بعض أتباعه، وأمامه بهلوان، وخلفه ملاكان مجنحان. ومما يلفت النظر في هذه الصورة بعض التأثير المغولي في رسوم الأشخاص، ثم جمال الزخارف النباتية في الإطار. وهي في مخطوط من كتاب مقامات الحريري محفوظ في المكتبة الأهلية بفينا، ومؤرخ من سنة 734ه/1334م، ويلاحظ ما بين رسومها ورسوم أوراق اللعب الحالية (الكتشينة) من شبه يستحق الذكر.
شكل 7-17: صورة خسرو يقتل بهرام، وهي من منتجات المدرسة الفارسية التترية سنة 823ه/1420م، (من مخطوط لمكتبة الأمير بيسنقر مؤرخ ومحفوظ في متحف برلين ).
شكل 7-18: صورة يوسف الصديق يفر من زليخا. وهي من رسوم المصور بهزاد في مخطوط «بستان سعدي» المحفوظ بدار الكتب المصرية، والمكتوب سنة 893 هجرية، وتشير الصورة إلى آخر محاولة لزليخا في التغلب على مقاومة يوسف الصديق، وذلك بتشييد قصر يوصل إلى داخله بعد المرور في سبعة أبواب متوالية. وزينت زليخا القاعة الداخلية بصور تمثلها بين ذراعي يوسف، ثم أغرته بدخول هذه القاعة مؤملة أنه حين يرى الصور لا يسعه إلا أن ينظر إلى صاحبتها، فيقع في حبائلها، ولكن يوسف عندما رأى الفخ الذي نصبته له صلى إلى الله، فانفتحت الأبواب السبعة، وتمكن من الهرب. ويرى يوسف في الصورة له وجه مغطى وهالة من النور على النحو الذي كان يتبعه الفرس في رسم الأنبياء. وقد أبدع المصور في رسم العمارة والأبواب السبعة.
نساء في الحمام ترمقهن عين فضولي من نافدة في البناء.
مدرسة في الهواء الطلق.
شكل 7-19: للمصور الفارسي قاسم علي في مخطوط مؤرخ سنة 899ه/1493م، ومحفوظ الآن بالمتحف البريطاني.
شكل 7-20: صورة مجلس طرب وشراب، من عمل المصور الفارسي سلطان محمد في القرن السادس عشر الميلادي (مجموعة كارتييه).
شكل 7-21: صورة السلطان مراد الثالث في قاعة من قاعات قصره ومعه قزمان واثنان من الإنكشارية، وذلك في مخطوط يرجع إلى سنة 1582م. وقد قلد راسم هذه الصورة الأساليب الفنية في التصوير الفارسي إبان القرن الخامس عشر.
شكل 7-22: صور غزلان، ويرجح أنها من رسم «مراد» الهندي الذي كان ذائع الصيت في منتصف القرن السابع عشر، وعرف في بلاد القيصر «جهانجير» بمهارته في رسم الحيوان. والصورة محفوظة بالقسم الإسلامي من متاحف برلين، وتشبهها صورتان عرضتا في معرض اتحاد أساتذة الرسم سنة 1938.
شكل 7-23: صورة غادة هندية من منتصف القرن السابع عشر، وهي محفوظة الآن بالقسم الإسلامي من متاحف برلين (كليشيه متحف برلين).
شكل 7-24: صورة هندية من نهاية القرن السابع عشر تمثل أتباعا يوقظون أميرا، وهي محفوظة بالقسم الإسلامي من متاحف برلين (كليشيه متحف برلين).
شكل 7-25: منظر طبيعي في صورة هندية من نهاية القرن السابع عشر، ومحفوظة بالقسم الإسلامي من متاحف برلين (كليشيه متحف برلين).
شكل 7-26: صورة هندية من نهاية القرن السابع عشر تمثل ليلى تزور المجنون. وقد عني الفنانون الهنود بتصوير الحوادث في قصة مجنون ليلى التي نظمها بالفارسية الشاعر نظامي، وعني بتصوير حوادثها المصورون من الفرس. ونلاحظ في هذه الصورة أن المنظر الطبيعي لا يمثل الصحراء التي تروي القصة أن المجنون اعتزل فيها بعد فشله في غرام ليلى. وهي محفوظة بالقسم الإسلامي من متاحف برلين (كليشيه متحف برلين).
شكل 7-27: صورة هندية من بداية القرن الثامن عشر تمثل نمرا يفترس حيوانا، وإلى جانبهما حيوان ثالث يفر مذعورا، وعلى الرغم من أن هذا الموضوع الزخرفي قديم في الفنون الشرقية؛ فإن الفنان الهندي امتاز في استخدامه هنا، ووفق في التعبير عن الذعر الذي حل بالحيوانين الهارب والمهجوم عليه. وهي محفوظة بالقسم الإسلامي من متاحف برلين (كليشيه متحف برلين).
شكل 7-28: صورة هندية من بداية القرن الثامن عشر تمثل أميرا في طريقه إلى الصيد، ومعه تابعان وغزالان أليفان بجوار بئر عليها فتيات يأخذن الماء، وتتقدم إحداهن لتسقيه، والصورة محفوظة بالقسم الإسلامي من متاحف برلين (كليشيه متحف برلين).
شكل 7-29: صورة هندية من القرن الثامن عشر، وهي محفوظة الآن بدار الآثار العربية.
صفحة غير معروفة