ومن مميزات الطراز الإسباني المغربي استخدام نوع من العقود على هيئة حدوة الفرس، واستخدام الدعائم المبنية من الآجر عوضا عن الأعمدة، مما يكسب الأبنية هيبة وجلالا عظيمين.
ولسنا نستطيع أن نستعرض هنا الظواهر المعمارية التي اختص بها هذا الطراز، وطبعته بطابع خاص يميزه عن سائر الطرز الإسلامية، وحسبنا أن نذكر المآذن المربعة (شكل
6-1 ) والطنف أو الأفاريز الخشبية التي كانت تظل البوابات الخمسة. ونلاحظ أن الأعمدة في قصر الحمراء وفي العمائر التي تأثرت بهذا القصر قد امتازت برشاقتها وجمالها وتيجانها ذات الدلايات أو المقرنصات، كما أن استخدام الفسيفساء من الخزف في تغطية الجدران، والإسراف في الزخارف المحفورة على الجص ظاهرتان قويتان في الطراز الإسباني المغربي.
شكل 3-1: منظر في قصر الحمراء بغرناطة يمثل صحن الرياحين برج قمارش.
كانت كل الظواهر المعمارية المذكورة تتجلى في العمارة الإسبانية المغربية، ولا سيما المساجد والأضرحة، وفي القصور التي يرجع أقدم الباقي منها - وهو قصر الحمراء (شكل
3-1 ) - إلى القرن الرابع عشر، كما امتاز هذا الطراز بكثرة أبنية المدارس، أدخلها سلاطين الموحدين في إسبانيا والمغرب. وذاع صيت مدينة فاس بكثرة المدارس التي كانت تشتمل غالبا على عدة غرف للطلاب، وعلى قاعة كبيرة للدرس كانت تستخدم للنوم أيضا، وكان بناء المدرسة من طابقين، وفي وسطه صحن مكشوف، ولم يكن هناك قسم في البناء لأتباع كل مذهب من المذاهب الأربعة؛ لأن هذه المدارس كانت كلها للمذهب المالكي.
الطراز المصري السوري
كان الفن بمصر في العصر الطولوني (868-905) تابعا للأساليب الفنية العباسية، ولما فتح الفاطميون مصر سنة 969، ثم استولوا على جزء كبير من الشام، وصارت لهم دولة عظيمة نشأ على يدهم الطراز المصري السوري، وتطور بعد ذلك على يد المماليك (1250-1517) تطورا بعيد المدى، حتى ليمكننا أن ننسب إلى الفاطميين طرازا خاصا، وإلى المماليك طرازا آخر، ولكننا لسنا في معرض تفصيل المميزات الدقيقة في كل منهما، فلا بأس من أن نعتبرهما هنا طرازا واحدا، وأن ننظر في مميزاتهما على وجه عام.
وقد كان الطراز المصري السوري أكثر اعتدالا واقتصادا في الزخرفة من سائر الطرز الإسلامية، ولا سيما الطراز الإسباني المغربي.
وقد تأثر الفاطميون بالأساليب الفنية الفارسية بعض التأثير، فكثر رسم الإنسان والحيوان على التحف التي ترجع إلى عصرهم، وفي دار الآثار العربية ألواح خشبية كانت في أحد قصورهم، وعليها زخارف محفورة تمثل مناظر صيد وطرب وموسيقى وسفر، وغير ذلك من صور الحياة اليومية (شكل
صفحة غير معروفة